وصف الكتاب
تمسّك بطرف ثوبه كي لا يُنتزع من الرياح واستند الى عمود حديديّ ، رياح الليل التي تتخابط في جسده الطويل ، طوله الجميل وعضلاته المفتولة التي قضى وقتا لا بأس به في تقويتها ؛ لم تسعفانه في الصمود أمام هجيج الرياح، جشأتها توبّخه وضميره يؤنبّه :
", لم يكن عليك الخروج في هذا الوقت ، أنه الفجر ... هل ستتجّه الى المسجد الذي سيترنّح اذانه بعد هنيهات! أم أنك ستتجاهله ككل مرة! ",.
حاول مجددا التمسّك قدر المستطاع بالعمود الذي بدأ يتأرجح يمنة ويسرة آيلا بالسقوط، فابتعد عنه مسرعا الى شجرة متوسطة الحجم ، والتصق بجذعها المبتلّ .
نظر حوله لعلّه يلتقي بعربة تقلّه من حيث أتى أو تقذفه بأحد النُزل القريبة، لكن ذلك أيضا لم يتحقق.
وفجأة ظهر ضوء من قلب السماء أتبعه بهزيم الرعد ، وتوالى الضوء مع الهزيم لتتوالى الصواعق الواحدة تلو الأخرى .
تذكّر حينها أحدى محاضرته بكلية الطيران ، كان الكابتن يسترسل بشرح حالات الطقس محظورة التحليق بها :
", كما نعلم أن بتصادم السحابتين أحدهما تحمل الشحنة السالبة والثانية تحمل الشحنة الموجبة وبالتصادم ينتج شرارة قوية على هيئة ضوء الذي يتبعه صوت ....
همس حينها لزميله الذي يجلس بجانبه ، برغبته بالتحليق في السماء الممطرة المشبّعة بالصواعق متمنيّا حصول ذلك :
- ما الممتع في ذلك!
- كل ما هو خطر لكم يكون متعة بالنسبة لي ،أتمنى لو أستطيع مباغتتهم بسرقة ال اي بي سي روبن والتحليق بها.
- أحمد الله على أننا في فصل الصيف وإلا كان جنونك سيتحقق في هذه الليلة.
",كيف لي أن أختبأ من هذه المتعة ! إن لم أستطع التحليق في تلك الأيام بسماء كهذه ، فلن أحرم نفسي من السير أسفلها ",.
كان الشيء الذي يعيقه هو الرياح ، لكنه تماسك بقوه ، وبدأ يسير بحفاوة الى مقهى في شارع المدينة الذي إن استمر بالمشي اليه سيصل بعد حوالي الخمسين دقيقة.