وصف الكتاب
يعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر مكملاً لمصادر التمويل الأخرى، وعلى خلاف الإقراض المصرفي التجاري يوفر الاستثمار الأجنبى المباشر توليفة من التقنية والإدارة في الدول المضيفة، وكلاهما يستطيع زيادة إنتاجية رأس المال. وفي مقدمة دوافع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر البحث عن الأرباح وتجنب القيود المفروضة على التجارة الدولية ومواجهة المنافسين المحتملين. وقد ازدهرت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى مدعومة بالوجود الاستعماري آنذاك، وفي البداية اتجهت نحو إنشاء السكك الحديدية وشبكات الطاقة الكهربائية والمناجم والمزارع، وفي مرحلة لاحقة أصبح الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر شيوعاً في الصادرات التحويلية والخدمات.
غير أن الاستثمارات الأجنبية الخاصة انخفضت خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية والفترات التي تخللت هاتين الحربين على حساب تزايد التدفقات الرسمية، إلا أن الاستثمارات الخاصة عادت للانتعاش في نهاية الستينيات، وفي منتصف السبعينيات تزايدت القروض المصرفية على حساب هبوط الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقد اتجه ثلاثة أرباع الاستثمار الأجنبي المباشر صوب الدول الصناعية المتقدمة منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى حتى تسعينيات هذا القرن، وتركز الباقي في عدد محدود من الدول النامية؛ هي في الغالب الدول النامية مرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية ودول شرق آسيا على الترتيب.
وفي منتصف الثمانينيات حصول تحولان على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر؛ وهما التحول من الاستثمارات الرسمية إلى الخاصة أولاً، ومن ثم القروض المصرفية إلى الاستثمارات المباشرة ثانياً. وقد تبعت ذلك تطورات لافتة للانتباه تمثلت في جذب الدول النامية لاستثمارات متنامية وكبيرة وصلت إلى 38% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية العالمية عام 1995 مقابل 21% عام 1990. وخلال الفترة الحالية احتلت دول شرق آسيا مركز الصدارة في جذب الاستثمارات الخاصة، جاءت بعدها دول أمريكا اللاتينية التي كانت في مقدمة الدول التي استضافت الاستثمارات المباشرة في السنين الماضية، ويعود ذلك أساساً للنجاحات الاقتصادية التي حققتها على صعيد زيادة معدل النمو وإزالة القيود عن الاستثمارات الأجنبية وانفتاح اقتصاداتها وضخامة أسواقها (الصين).
وفي هذا البحث الذي بين أيدينا محاولة من الدكتور ",هيل عجمي جميل", هدفها تعريف القارئ بمفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر وبطبيعته وبتطوره التاريخي وهيكله وتوزيعه في الدول النامية، وتدفقه في الداخل والخارج وموقع الدول النامية فيه، وللإحاطة بجميع جوانب الموضوع عنى المؤلف بتقسيم بحثه على ثمانية مباحث: تناول في أولها مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر وطبيعته، بينما استعرض في ثانيها الإطار التاريخي للاستثمار الأجنبي المباشر، في حين ناقش في ثالثها موضوع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر العالي في الداخل والخارج وموقع الدول النامية فيه، أما المبحث الرابع فخصصه لتحليل حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الخاص وهيكله في الدول النامية، وتناول في المبحث الخامس التوزيع الجغرافي للاستثمار الأجنبي المباشر في الدول النامية، وخصص المبحث السادس للحديث عن العوامل المؤثرة في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الخاص في الدول النامية، وتناول في المبحث السابع ملاحظات حول مستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر الخاص في الدول النامية، واختتم المبحث الثامن بالحديث عن الآثار المتوقعة للاستثمار الأجنبي المباشر على الدول النامية. ومما يجدر إشارته هو أن هذا الكتاب هو واحد من سلسلة كتب تصدر عن مركز الإمارات والدراسات والبحوث الاستراتيجية.