تحتاج الدول وخاصة النامية منها إلى مصادر تمويل ضخمة للرفع من القدرات التنافسية لإقتصادياتها كبديل عن المديونية، وبهذا فهي تعمل جاهدة من أجل جلب رؤوس الأموال الأجنبية، من خلال توفير كل التسهيلات وتقديم حوافز وضمانات، وإزالة كل الحواجز والعراقيل التي تعيق طريقها خاصة القوانين والتشريعات الكابحة لحركة رأس المال الأجنبي، وثقل المنظومات التالية والمصرفية، والحواجز الجمركية، والعوائق البيروقراطية، لذا يجب عليها تمهيد كل الطرق التي تسهل إنسياب هذه الإستثمارات داخل إقتصادياتها، فضعف التمويل المحلي يجعله كابحاً لإنطلاق التنمية الإقتصادية عموماً ورقي التنافسية الإقتصادية للبلد خصوصاً، مما يلزم هذه الدول بالبحث عن مصادر تمويل خارجية للرفع من القدرات التنافسية لإقتصادياتها.

وتعتبر الإستثمارات الأجنبية المباشرة أهم مصدر لذلك إذا ما استثينا المديونية وما تحمله من ثقل على كاهل الإقتصاد ورهن لسيادة البلد.

فرؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن الإستثمار كثيرة ولكن قدومها مرهون بمدى ما توفره الدول المضيفة من مناخ إستثماري ينميها ويسهل عملية إستقرارها، وبالتالي تنمية الإقتصاد المحلي، الذي ينتج عنه زيادة القدرات التصديرية للبلد، والتقليل من الواردات، الذي ينعكس إيجابياً على الميزان التجاري.

كما يرفع من الناتج المحلي الداخلي ومتوسط نصيب الفرد منه، وهو يعمل أيضاً على إمتصاص البطالة بخلق مناصب شغل، وتوفير العملة الصعبة التي تعطي التوازن لميزان المدفوعات وبالتالي الرفع من تنافسية الإقتصاد الوطني.

والجزائر عملت على خلق مناخ إستثماري جاذب للإستثمارات الأجنبية من خلال مجموعة من القوانين والتشريعات أهمها قانون النقد والقرض، كما أدخلت العديد من الإصلاحات الهيكلية العميقة على نظمها، بهدف الوصول إلى الرفع من تنافسية الإقتصاد الجزائري بهدف الوصول إلى تموقع دولي ضمن مؤشرات التنافسية الدولية.

وهذا الكتاب يتناول العلاقة بين الإستثمار الأجنبي المباشر والتنافسية الدولية، وتم التأصيل فيه للإطار النظري العام للإستثمارات الأجنبية المباشرة وحجم تدفقاتها وإنعكاساتها على التنافسية الدولية مع أخذ الإقتصاد الجزائري أنموذجاً مع مراعاة التغيرات الإقتصادية العالمية، وقد حاولت جاهداً تقديم الجديد فيه للمكتبة الإقتصادية من ناحية التحليل الإقتصادي لموضوعي الإستثمارات الأجنبية المباشرة والتنافسية الدولية.