وصف الكتاب
تشكّل هذه الترجمة لكتاب ",علم النفس التطوّري: العلم الجديد للعقل", الكتاب الأول باللغة العربية الذي يقدّم أحدث مذاهب علم النفس نشأة، والمعروف بهذا الإسم، لا تقتصر أهميّة هذا الكتاب على جدّته فقط، وإنما أيضاً في كونه يتجاوز الطروحات المعروفة في مختلف فروع علم النفس ونظرياته الراسخة والشائعة، كي يقدّم منظوراً جديداً لتفسير ظواهر الحياة الإنسانية المعروفة على الصعد العقلية والمعرفية والإنفعالية والعلائقية والسلوكية، الفردية منها والجماعية.
إنّه يقدّم مقاربات منهجية بحثية ونظرية كاشفة، وقد تكون مفاجئة، مما يستدعي وقفات تأمّل وتساؤل وإعادة نظر في دلالة ظواهر الحياة والسلوك، التي تؤخذ بمثابة مسلَّمات تُرَدّ إلى تفسيرات ثقافية شائعة (مثل العادات والتقاليد والقيم والتراث والإنتماء) أو هي تُرَدّ إلى تفسيرات علم النفس الراسخة.
يمثل الكثير مما يطرحه هذا الكتاب، ربما، تحدّياً إستفزازياً للمعروف والمألوف من التفسيرات، وقد يثير بالتالي التساؤل والتشكيك وحتى الرفض عند البعض، إلاّ أنها تشكّل على كل حال فرصة للتفكّر والتأمّل وإعادة النظر في بعض المسلمات الناظمة للرؤى والموجّهة للممارسات، مما يوسع من نطاق فهم الوجود الإنساني ويعمّقه.
يشكّل هذا الكتاب، كما يقول المؤلِّف، خارطة طريق واضحة لهذا المذهب الجديد، وتتمثل غايته في جلاء أسرار الأسئلة الكبرى حول الوجود البشري: من أين أتينا؟ وما هي صلاتنا بأشكال الحياة الأخرى؟ وما هي الآليات العقلية التي تحدّد معنى أن نكون بشراً؟ وهو لذلك يعالج القضايا البشرية الكبرى في كل زمان ومكان.
ويتكون هذا الكتاب من ستة أبواب متدرّجة في تسلسلها يؤسّس كل منها لما يليه، وتضمّ جميعاً ثلاثة عشر فصلاً، ويتكون الباب الأول بعنوان ",أسس علم النفس التطوّري", من فصلين، يعالج أولهما الحركات العلمية التي قادت إلى نشوء هذا العلم، ويستعرض الفصل الثاني لبّ الطبيعة البشرية المتمثلة في الآليات النفسية المتطوّرة، كما أتى الباب الثاني تحت عنوان ",مشكلات البقاء",، ويتكوّن من فصل واحد يعالج محاربة قوى الطبيعة العدائية: الحصول على الطعام وإنتقائه، المأوى والمجال الحيوي، محاربة المفترسين، وغوائل الطبيعة.
أما الباب الثالث فيعالج تحدّيات الجنس والإقتران، وهو المحوري في إهتمامات المؤلف، أما الباب الرابع فيعالج تحدّيات التنشئة الوالدية وعلاقات القرابة في فصلين اثنين، يطرح أولهما مشكلات التنشئة الوالدية، ثم يعالج في الفصل الذي يليه مسائل القرابة من منظور تطوّري وخصوصاً كل من نظرية هاملتون في اللياقة المتضمنة وفرضيات ترايفرز حول علاقات الوالدين الذرية، أما الباب الخامس المخصص لمشكلات نهج الحياة في الجماعة فهو أطول أبواب الكتاب حيث يضم أربعة فصول تعالج تباعاً كل من: قضايا التحالفات التعاونية المميزة للبشر، وتطوّر التعاون، وسيكولوجية الصداقة وتكاليفها، ثم ينتقل إلى قضايا الحرب والعدوان في الفصل الذي يليه، أما الفصل الثالث عشر والأخير من الكتاب فيمثّل أهمّية خاصة علمياً وأكاديمياً بالنسبة للإختصاصيين في علم النفس، فهو يستعرض بعض مجالات علم النفس الكلاسيكية وينتقد الحدود المصطنعة بينها، منادياً بتجاوزها وصولاً إلى رؤية الإنسان الكلي الذي يفلت من أي محاولة لإختزال كيانه في نظرية أو مقاربة أحادية.
وهكذا يحيط الكتاب بجلّ قضايا الحياة البشرية في تنوّعها وتحدّياتها وأساليب التعامل معها، ملقياً بذلك أضواء جديدة، ومقدّماً تفسيرات علمية موثقة كما يبدو ظاهرياً من البديهيات.