وصف الكتاب
هذا الكتاب عبارة عن قراءة حديثة لعلم النفس، وعلم النفس الاجتماعين والأخلاقي معاً، من منطلق ",كانطي", وسلوكي بنيوي اشتراطين يخرج بالجشطلتات النفسية عن واحدية التحليل النفسي النظرية وانسحابية المحللين العملية، التي أعطت صفة ",المنكمش", لكل محلل نفسي ",shrink", وما يرافقها من خبث ومكر دفعاً بالكثير من الناس عبر الإيحاء، إلى تبني ما لم يفعلوا بتشخيصات غير واقعية لما اعتبروهم فيه منحرفين وهم ليسوا كذلك؟!
وإذا اعتمدت التفهيمية في علم النفس، التي تسعى إلى إطلاع الحالة ",Client", ومشاركتها بشكل جماعي أو فردي في فهم أسباب توتراتها وحتى عقدها النفسية، إذ اعتمدت هذا الاتجاه الذي رسخ في العلوم الإنسانية منذ ",كارل روجرز", في القرن الماضي، لا بد من ",إفهام", وتفهيم دقيق بعلم النفس، فيصبح هذا الكتاب بحد ذاته وسيلة من وسائل العلاج لا تقرير النظريات فقط، أي أنني أضع في هذا العمل خلاصة العقل النظرية -فلسفة علم النفس- من أجل هدف عملية التفهيم في هذا المجال العملي -العقل العملي- للقارئ.
ولأجل هذا الغرض لا بد من تعريف القارئ بعلم النفس، لا من خلال نظرياته فقط بل من خلال فلسفتي العقلين النظري والعملي منذ ",كانط",، بتحديده المتفرد والدقيق للنفس الإنسانية كمجموعة حواس داخلية، تقابل تلك الخارجية من نظر ولمس وشم.. الخ تحركها التوجهات ",Attitudes", الفكرية والأخلاقية التي تؤدي إلى كل سلوك، لذلك لا يخرج علم الأخلاق عن علم النفس في بنية دراسة السلوك الإنساني، ولا ينفصلان عن انعكاس هذا السلوك على الآخرين في المجتمع.
لذلك وضع عنواناً بسيطاً لهذا الكتاب هو ",علم دراسة الحواس الداخلية -أي النفس- من خلال علاقاتها مع الناس- المجتمع-",، بدل أن نقول: ",علم النفس الاجتماعي الأخلاقي", فقط، بجملة غائمة لا يفهمها إلا مختص.
فهذا الكتاب لم يوضع للمختصين في علم النفس الاجتماعي فقط، ولا للمختصين بعلم الأخلاق فقط، بل الهدف من وضعه نظرياً -من وجهة العقل النظري- إيضاح فلسفة المصير الإنساني التي تقود الناس من خلال حواسهم الداخلية نحو كل سلوك، أو انحراف يمكن أن ينجم عن هذا السلوك، ومن خلال العقل العملي عملياً إفهام القارئ سواء كان سوياً لا يشكو من أي إشكالات نفسية أو يشكو من بعضها، التركيب العلاجي الخاص لأهمية الإدراكية الخاصة في علم النفس الحديث، بدور الفهم النفسي لعلم النفس الذي يشكل هذا الكتاب قاعدته.
ولأجل هذا كان لا بد من شرح معاني الإدراك وتبدل أحواله، وأعراض اللاسواء فيها كلها، وصلة التعلق ",Attachmen", بهذه التبدلات وما يتضمنه من ذكريات ترسخ بالنفس -بالحواس الداخلية- بالمجتمع- عبر الفولوكلور- وكيف ",تشفر", بهما، من أجل فهم أوضع لصورة الإنسان الذاتية من خلال هذه المعطيات.
أما كيفية علاج التوتر بالرياضة والتفهيم من خلال التغذية الراجعة ",Biofeedback", والاسترخاء، فوسائل سيطلع عليها القارئ بالتفصيل في هذا الكتاب، كي يتمكن من حل توتراته الإشكالية العارضة، بنفسه من خلال منهج التفهيم هذا، قبل أن تطال جهازه المناعي فتصبح توترات مزمنة، مثل ",ألفوبيا", والتغير الحاد بالمزاج، وتشويه الواقع أي ",Schizophrenia", السكيزوفرينيا، وعداء المجتمع والتنافر مع الآخرين بالتمحور حول الذات.