تعتبر دراسة الجدوى الاقتصادية أولوية لا بد منها بالنسبة للمستثمرين، سواء على مستوى القطاع الخاص أم العام، وبصرف النظر عن حجم المشروع المزمع القيام به، أو المجال الذي يتحقق في إطاره. وذلك انطلاقاً من ضرورة تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة بين الاستخدامات البديلة، والذي يمكن من خلاله ترشيد القرارات الاستثمارية، سواء على مستوى المشروعات الخاصة أن على مستوى الاقتصاد الوطني ككل.

وهذا الكتاب يتضمن بداية، فصلاً تمهيدياً، يتناول باختصار مفهوم الاستثمار وطبيعته وأهميته وأهدافه، ومحددات الاستثمار والمقومات الأساسية لاتخاذ القرار الاستثماري الرشيد والسليم. ويتألف متن الكتاب من أربعة عشر فصلاً. فيتناول الفصل الأول مفهوم دراسة الجدوى الاقتصادية وأهميتها ويعرض للمراحل التي تجتازها دراسة الجدوى للوصول إلى القرار الاستثماري الرشيد.

أما الفصل الثاني، فيتناول الدراسة القانونية، أي تقييم موقف الدولة من المشروع المقترح. فيعرض للتسهيلات والحوافز التي يمكن أن تقدمها للمشروع لتشجيع الاستثمار فيه، أو القيود والضوابط التي تفرضها عليه.

الفصل الثالث، يتضمن الدراسة التسويقية، أو دراسة السوق المتوقعة للمشروع، وذلك بهدف تحديد حجم السوق التي يتوجه إليها المشروع المزمع إقامته وحصته من هذه السوق وصولاً إلى تحديد حجم المبيعات المتوقع، وبالتالي حجم الإيراد الجمالي. ويتضمن هذا الفصل أيضاً عرضاً موجزاً للأساليب الاقتصادية والإحصائية الكمية المستخدمة في تقدير الطلب على السلعة، أو مجموعة السلع، التي سيتم إنتاجها في المشروع المزمع إقامته.

في الفصل الرابع، تجري الدراسة الفنية للمشروع التي تهدف لتحديد طاقته الإنتاجية، وتحديد حاجياته من التجهيزات والمعدات ومستلزمات التشغيل واليد العاملة... الخ، وكذلك تحديد الموقع الأفضل للمشروع.

أما الفصل الخامس فيتضمن الدراسة الاقتصادية، أو حساب التكاليف الاستثمار والتشغيلية التي يحتاج إليها المشروع المقترح. ويستعرض الفصل السادس بشيء من الإيجاز مصادر تمويل الفرصة الاستثمارية، والهيكل التمويلي للمشروع المزمع إقامته وتقدير كلفة التمويل.

الفصل السابع يتناول بعض المفاهيم والمبادئ الأساسية التي تعتبر أساساً لفهم معايير تقييم المشاريع، مع التوقف بصورة مفصلة عند مفهوم القيمة الزمنية للنفود واحتساب القيمة الحالية للتدفقات النقدية.

وتتضمن الفصول التالية (من الفصل الثامن إلى الفصل الثاني عشر) دراسة مفصلة للمعايير التي تستخدم في تقييم المشاريع، سواء تلك التي تأخذ في الحسبان القيمة الحالية للتدفقات النقدية (المعايير المخصومة) كمعيار القيمة الحالية الصافية للمشروع أو معيار معدل العائد الداخلي، أن تلك التي لا تأخذ القيمة الحالية في الحسبان (المعايير غير المخصومة) كمعيار فترة الاسترداد ومعيار معدل العائد المحاسبي، مع مقارنة بين هذه المعايير. كما أنها تتضمن بعض الأعمال التطبيقية المبسطة. أما الفصل الثالث عشر، فمكرس لتقييم المشاريع في ظروف الخطر وعدم التأكد.

وأخيراً، أفرد (الفصل الرابع عشر) لدراسة جدوى المشروع من وجهة نظر الربحية القومية، أو الاجتماعية، أي من وجهة نظر فائدة المشروع للمجتمع أو الاقتصاد الوطني ككل. حيث تهتم دراسة الجدوى القومية للمشروع المقترح بمعرفة درجة تأثير المشروع على الموارد الاقتصادية المتاحة في المجتمع ودرجة استغلالها، وعلى أفراد المجتمع ومستوى المعيشة، وعلى علاقات الإنتاج والعلاقات الاجتماعية، ومدى مساهمة المشروع في تأسيس قاعدة صناعية أساسية وتأثيره على المشاريع القائمة في المنطقة، وكذلك تحديد أو معرفة أثر المشروع على البيئة، بعناصرها المادية والبشرية.

لذا فإن دراسة الجدوى الاقتصادية ينبغي ألا تقتصر على دراسة وتحليل الجوانب المالية والتجارية على مستوى المشروع الخاص، بل لا بد من أن تشمل الجوانب الأخرى للمشروع للتأكد من عدم وجود تعارض بين أهداف المشروع المقترح والأهداف على مستوى الاقتصاد الكلي.