هدفنا سهولة الحصول على الكتب لمن لديه هواية القراءة. لذا فنحن نقوم بنشر اماكن تواجد الكتب إذا كانت مكتبات ورقية او الكترونية
ونؤمن بان كل حقوق المؤلفين ودار النشر محفوظة لهم. لذلك فنحن لا نقوم برفع الملفات لكننا ننشر فقط اماكن تواجدها ورقية او الكترونية
إذا اردت ان يتم حذف بيانات كتابك من الموقع او اى بيانات عنه، رجاءا اتصل بنا فورا
إذا اردت ان تقوم بنشر بيانات كتابك او اماكن تواجده رجاءا رفع كتاب
قراءة و تحميل pdf فى كتاب : لماذا لا يصاب حمار الوحش بقرحة المعدة؛ أثر الضغوط النفسية على الصحة العامة وكيف نتعامل معها
الموضوع المحور هو أثر الضغوط النفسية على الصحة العامة والطريقة المثلى للتعامل معها والتي وجده عند حمار الوحش، وعلى ما يبدو فإن للمؤلف وجهة نظر حول حمار الوحش وحول ردات فعله اتجاه ما يواجهه من أمور تدعو للكرب، منطلقاً من تصور يحدثك به كقارئ وبافتراض أنك في موقف يشابه موقف حمار الوحش الذي يهرب ناجياً بحياته، أو أنك ذاك الوحش الذي يعدو بأقصى سرعته للفوز بطعامه. إن آليات تكوّن الاستجابة الفيزيولوجية في جسمك، متلائمة تلاؤماً ممتازاً مع معالجة تلك الطوارئ قصيرة الأجل. فعندما يخامرنا القلق حول أمور تدعو للكرب، يؤدي ذلك إلى تنبيه الاستجابة الفيزيولوجية ذاتها، غير أن هذه الاستجابة تؤدي إلى كارثة إن صارت مزمنة.
ثمة أدلة كثيرة توحي بأن السقام الذي يبتعثه الكرب ينجم عن كوننا ننشط غالباً، جهازاً فيزيولوجياً تطور ليبدي استجابة في واجهة الطوارئ الجسدية الحادة، والقصيرة الأمد، غير أننا ننشطه شهوراً عدّة ونحن نقلق على أمور، مثل: رهن العقارات، والعلاقات مع من حولنا، والترقية في موقع العمل... إن اختلاف الأسباب التي تؤدي بنا إلى الكرب، عن الأسباب التي تكرب حُمُر الوحش يقودنا إلى معرفة مفهوم الاستتباب Homeost. وهو أن للجسم مستوى مثالي من الأوكسجين الذي يحتاج إليه، ودرجة مثلى من الحموضة، ودرجة مثلى من الحرارة، وهكذا.
ضمن هذا الإطار، يمكن تعريف عوامل الكرب بأنها أمر يحدث خللاً، أو اضطراباً، في التوازن الاستتابي مثل: الأذيات، المرض، التعرض لحرارة شديدة الارتفاع، أو لبرد شديد. إن الاستجابة في مواجهة الكرب، هي محاولة الجسم استعادة توازنه. ويتم ذلك بتنشيط إفراز بعض الهرمونات، وتثبيط إفراز بعضها الآخر؛ وتنشيط أجزاء معينة من الجهاز العصبي، وتغيّرات فيزيولوجية أخرى، يتناولها المؤلف بالتفصيل من خلال فصول هذا الكتاب.
وهنا تبدو العلاقة وثيقة ما بين الكرب والتوازن الاستتابي، فإنه وعندما ننظر إلى أنفسنا، وإلى نزوعنا الطبيعي نحو القلق لدرجة المرض، فإنه يجدر بنا أن نوسع فكرة عوالم الكرب من حيث كونها أشياء تخرجنا عن حالة التوازن الاستتابي فحسب. إن تجربتنا الإنسانية مفعمة بعوامل الكرب النفسية، مثل صرخة بعيدة في عالم الحواس؛ من جوع أو أذية، أو نزف دم، أو ارتفاع بالغ في الحرارة.
عندما تنشط الاستجابة للكرب متوقعاً لأمر سيء قد يقع، نهنئ أنفسنا على نباهتنا التي جعلتنا نحتاط سلفاً. وعندما نصاب بالهياج الفيزيولوجي دون مبرر على الإطلاق، أو بسبب أمر لا طاقة لنا على دفعه، فإننا نسمي هذا قلقاً، أو عصاباً، أو جنون الاضطهاد (بارانويا Paranoia) أو عدوانية غير مبررة.
وهنا يمكن إدراك نقطتين أساسيتين، مثّلا محور البحث في هذا الكتاب، فإذا واجهت عوامل كرب مادية طبيعية، أو جسمية، ولم تستطع أن (تحرك) استجابة مناسبة لها، ولا شك في مأزق خطير. ولإدراك ذلك تأمل حالة شخص لا يستطيع أن يبدي استجابة لأمر مقلق، وسيبين المؤلف في ثنايا الفصول أن هناك نوعين هامّين من الهرمونات التي تعزز أثناء الكرب. من الواضح أن هذه النقطة الأولى هامة جداً، لا سيما عند مار الوحش الذي ينبغي له، أحياناً، أن يعدو لينجو بحياته.
أما النقطة الثانية فهي تتعلق بنا نحن البشر، أكثر من الأولى. نحن نشعر بالإحباط أثناء ازدحام المرور، ونقلق من النفقات، ونتأثر من توتر العلاقات مع الزملاء، فإذا أثرنا استجابة لهذه الكوارث، ولم نستطع أن نوقفها، بشكل مناسب، عند انتهاء الكروب تلك، فإن هذه الاستجابة في النهاية مؤذية ضارة، مثل عوامل الكرب التي ابتعثتها. إن نسبة مئوية عالية من الأمراض المتعلقة بالكرب، هي اضطرابات تنجم عن فرط الاستجابة لهذا الكرب.
وفصول هذا الكتاب الستة عشر تناولت موضوع الكرب الذي يشقي أجسامنا وعقولنا. ولفسحة من الأمل خصص المؤلف الفصل الأخير للحديث عن نمط الأجسام والنفسيات التي تتعامل مع الكرب بشكل أفضل من غيرها، ليكون ذلك بمثابة مثال للقارئ يحتذى فيتعلم من خلال تلك النماذج ماذا يفعل هؤلاء من أمور صحيحة، وما هي الأمور التي بالإمكان تعلمها منهم؟. وعلى حين نجد أن فصول هذا الكتاب المتداخلة تكشف عن هشاشتنا، وسرعة تأثرنا بالأمراض الناجمة عن الكرب، فإن الفصل الأخير منه يبين، إمكاناتنا الهائلة في حماية أنفسنا من عدد كبير منها. وبكل تأكيد سيجد القارئ ما يبشر بالخير.
ليس كل من تراه من الناس سليماً صحيحاً معافىً هو كذلك. ولا يعني مظهرُه هذا انه لا يعاني من أمراض يشكو منها معظم الناس من حولنا؛ كارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وضعف في السّمع، وتوتر عصبي، وقلق... الخ. لقد صار الناس في ظل الحضارة المعاصرة عرضةً للإصابة بأمراض تختلف عن التي كانوا يصابون بها في الماضي. وإننا نصاب اليوم بأمراض متنوعة تنشأ عن أسباب مختلفة، وتُسَبّبب نتائج مختلفة.
لقد عرف الطب الحديث ثورة غيَّرت من طرائق تفكيرنا بالأمراض التي نُصابُ بها، وسَلَّطت الضوء على إدراك التفاعل بين الجسم والعقل، وعلى الأساليب التي تؤثّر بها الانفعالات والشخصيّات تأثيراً قويّاً في وظيفة خلية ما في الجسم، وفي صحتها. كما تناولت دَوْرَ الكرب في جَعْلنا أكثر تَقَبُّلاً للإصابة بالأمراض. والسُّبُل التي يسلكها بعضُنا لمقاومة العوامل المسَبّبة للكرب.
هذا هو موضوع الكتاب الذي بين يديك، وستجد في بدايته تعريفاً اكثر وضوحاً لمفهوم الكَرْب السّديمي، وتجد فيه كيفية تَحَرُّك كثير من الهرمونات، وأجزاء من الدماغ، استجابة للكَرْب. ثم تجد تفصيل العلاقة بين الكرب، وزيادة احتمال الإصابة بأمراض محددة، ثم تأثير الكرب في جهاز الدم، وفي مخزون الطاقة، وفي النمو والتناسُل، وفي الجهاز المناعي، وغير ذلك. ثم تَجِدُ مدى تأثير مُعاناة الكرب على تدرُّجنا في الشيخوخة ثم العلاقة بين الكرب والاضطراب النفسي الأكثر شيوعاً والمُسَبِّب لِشَلَلِ الحركة، والمثير للجدل ألا وهو: الاكتئاب الحاج. ثم يُقَدِّمُ المؤلف فصلاً عن تأثير الكرب في الذاكرة، وفصلاً يستعرض فيه أنماط شخصيات ترتبط بضعف القدرة على التكيف مع الكرب، وفصلاً عن علاقة عامل الفقر بالصحة.
إن بعض ما يُخبرك عنه هذا الكتاب مُرَوِّع، فالكرب المتواصل والمتكرر ينهشُ أجسامنا بِطُرقٍ شتى لا تُحصى؛ غير أن هذه الأمراض الناتجة عن الكرب لا تجعل معظمنا عاجزاً مشلول الحركة، بل إننا نكافح سيكولوجياً، وفيزيولوجياً، وبعضنا يحقق نجاحاً باهراً. وإذا صبرت مع المؤلف حتى نهاية الكتاب فإنك ستجد في الفصل الأخير منه مراجَعَةً لما هو معروف عن معالجة الكرب، وكيف تُطبّق مبادئ هذه المعالجة في الحياة اليومية، وكيف يدعو كثير من هذه الأمور إلى التفاؤل.