وصف الكتاب
بدأت حركة التصحيح اللغوي مع انتشار اللحن على الألسنة وفي إنشاء الكتاب، ولعل أول كتاب خصص للتصحيح اللغوي هو كتاب الكسائي (توفي سنة 189هـ/805م) ",ما تلحن فيه العامة",.
وقد أفرزت هذه الحركة عشرات الكتب، ومئات المقالات، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، شغلت، وما زالت المهتمين بقضايا اللغة، وكان أبرز المهتمين في هذا المجال مجمع اللغة العربية في القاهرة الذي خصص جزءاً كبيراً من أبحاثه لتصويب الكلمات والتعابير التي ظن بعضهم أنه من الخطأ استعمالها.
لا شك في أن الغاية من حركة التصحيح اللغوي الحافظ على اللغة العربية من الفساد والانحلال إلى لهجات متعددة. ولا شك أيضاً في أن غاية من كتبوا في التصحيح اللغوي، كانت خدمة لغتهم. ولكن من يقف على بعض الكتب المتأخرة التي أفرزتها هذه الحركة، يشعر أن هذه الكتب قد أصبحت تسيء إلى اللغة بدل أن تخدمها، ذلك أنها بتزمت أصحابها، وكثرة تخطيئاتهم غير المصيبة عموماً، باتت تنفر أهل العربية من لغتهم، إذ إن من يطلع على بعض الكتب الآنفة الذكر، وخاصة المتأخرين منها، يهوله كثرة الألفاظ والأساليب التي تخطئها-وأكثرها صحيح لا غبار عليه- فيحسب أنه ليس في مأمن من الخطأ، بل من كثرته، خاصة أن تلك الكتب تسلط تخطيئاتها على ما كتبه كبار الكتاب والأدباء، فكيف به، وهو المبتدئ بتعلم العربية، غير المتضلع من أساليبها؟
ولا يخفى أن تخطيء الصواب أكثر ضرراً من كتابة الخطأ. وعليه، نرى أنه من الخير، بل من الواجب على اللغويين العرب، وعلى مجامع اللغة العربية عامة، ومجمع اللغة العربية في القاهرة خاصة، أن ينبه إلى خطورة كتب التخطيئات المتأخرة، لكثرة ما تخطئه من أساليب فصيحة صحيحة، ذلك أن معظم أصحاب هذه الكتب غير متضلعين من اللغة، وكان الواحد منهم ينقل عن غيره دون روية أو تحقق مما يقوله في التخطيء، هذا عدا عن اضطراب مناهجهم، وتعسفهم في التخطيء.
وهذا الكتاب هو الثالث للدكتور إميل بديع يعقوب بعد كتابيه ",معجم الخطأ والصواب في اللغة", و",جبران واللغة العربية", وفيه يأتي متوسعاً في التصويب مستعيناً بمقررات مجمع اللغة العربية في القاهرة في هذا المجال، وذلك بهدف وضع معجم يعود إليه الكتاب ليطمئنوا إلى أن الكثير مما يكتبونه، ويعده بعضهم خطأ، هو صحيح فصيح.
وقد قدم لكتابه هذا بفصلين تناول في أولهما ",معايير التخطيء والتصويب في اللغة",، استلله من كتابه ",معجم الخطأ والصواب في اللغة",، وخصص الثاني للرد على السيد سامي الخوري الذي ",تعقب", جبران، في لغته، فرماه، عن غير حق، بالكثير من سهام التخطيء، وأراد أيضاً من هذا الفصل إثبات نموذج من عمل الذين يحشرون أقلامهم في مسائل لم يعدوا أنفسهم الإعداد الكافي لها.
وغايته من كتابه هذا أمران: أولهما إظهار الصورة الحقيقية للغتنا العربية، فهي لغة سهلة سمحاء يستطيع الكاتب فيها أن يعبر عن المعنى الواحد بعدة أساليب دون أن يقع في الخطأ، وليست صعبة معقدة منفرة كما يتوهم من يقرأ كتب التخطيئات اللغوية الأخيرة.
وثانيهما الدفاع عن أدبائنا الكبار، وخاصة جبران خليل جبران الذي كثر منتقدوه، وحاولوا الحط من شأنه.