وصف الكتاب
",العبرات", مجموعة روايات قصيرة وضع بعضها المنفلوطي وترجم صديق له بعضها الآخر عن الفرنسية خلال عامي 1904 و1905، ثم أعاد المنفلوطي صياغتها بأسلوبه الأخاذ، فجمعها في كتاب واحد ظهر سنة 1906. فالروايات الموضوعة هي: اليتيم، والحجاب، والهاوية، والعقاب، والروايات المترجمة هي: الشهداء، والذكرى، والجزاء، والضحية.
والكتاب كما يدل عليه اسمه مجموعة قصص عن بعض البؤساء بأسلوبه الساحر معتمداً على براعته في تصوير المواقف الحزينة لا سيما وأنه كان معجباً بسرد أخبار البؤساء، وكأنه يجد لذة قصوى في استدراج القارئ إلى مشاركته في ذرف الدموع السخية. وسنعرض فيما يلي موجزاً لبعض القصص التي يتضمنها الكتاب.
",اليتيم", هي قصة موضوعة تتحدث عن فتى مات والده، فنشأ في بيت عمه إلى جانبه ابنة عمه الوحيدة وكأنه أخوها. وتشاء الظروف أن يقع الشاب في حب ابنه عمه، التي أحبته بدورها دون أن يبوح أحدهما للآخر بهذا الحب. ثم ما لبث أن توفي العم فطلبت زوجته من الفتى يغادر المنزل حفاظاً على سمعة ابنة عمه التي أصبحت في سن الزواج. فغادر الفتى المنزل دون أن يودع ابنة عمه وأقام في غرفة مجاورة لمنزل المنفلوطي. ثم لا تلبث الفتاة أن تصاب بمرض من شدة حزنها على فراق حبيبها يؤدي بها إلى الموت. وحين علم الفتى بالأمر وضع حداً لحياته، فدفنه المؤلف تنفيذاً لصويته مع حبيبته في قبر واحد بعد أن ضاقت بهما أرجاء القصر في حياتهما.
",الشهداء", هي قصة مترجمة نقلها الكاتب عن الفرنسية، تروي حكاية امرأة فقدت زوجها بعد أن سافر أخوها إلى أميركا، ولم يبق لها إلا طفلها الوحيد الذي عاش إلى جانبها حياة بؤس وشقاء وفقر حتى شب وتعلم فن الرسم. ثم نحج في السفر إلى أميركا مع مجموعة من الرسامين لعرض بعض لوحاته هناك فأصاب بعض النجاح، واعتنم فرصة وجوده هناك للبحث عن خاله، وانتهى الأمر إلى الوقوع بين أيدي الزنوج الذين قبضوا عليه وحكموا عليه بالموت لكن فتاة بيضاء استطاعت إنقاذه من الأسر، وفرا معاً تحت جنح الظلام. وفي ريق العودة وقع الفتى في حب الفتاة لكنها اعتذرت عن عدم مبادلته هذا الحب لأسباب لا يمكن أن تبوح له بها. ثم اكتشف فيما بعد أنها ابنة خاله الذي قتله الزنوج، وأنها نذرت نفسها لله وهي ستعمد إلى الانتحار، إذا وقعت في حب قد يؤدي بها إلى الزواج، عن طريق تجرع محتوى قارورة من السم كانت تحملها معها.
وبالفعل تجرعت الفتاة السم وما كان من الفتى إلا أن تقدم منها وقبلها بعد موتها، فتسرب السم إلى صدره، فماتا معاً وقبرا في حفرة واحدة، ثم ماتت الأم من شدة الانتظار.