وصف الكتاب
(أيام في بلدتي)، رواية من الأدب الصيني يصف من خلالها فنغ جيون كيه الحياة الريفية في المجتمع الصيني في بداية خمسينيات القرن العشرين حيث عاش فترتي الطفولة والصبا في محافظة ونشيان بمقاطعة خنان الصينية عاصر خلالها حركات سياسية مثل مكافحة اليمينية والقفزة الكبرى والكومونة الشعبية والتنظيفات الأربعة، وهي حركة وطنية هدفها ",التنظيف في مجالات السياسة والاقتصاد والتنظيم والأيديولوجيا", خلال الفترة ما بين عامي 1963 و1966، وتسمى أيضاً بحركة التثقيف الاشتراكي والثورة الثقافية الكبرى.
وهذه الرواية تعطي للقارئ صورة مصغرة عن أرياف الصين وسيرة تاريخ البلدة في تلك المرحلة. لقد طبعت في ذهن الكاتب ذكريات لا تنسى عن الوضع المأساوي والمحزن الذي عاشه القرويين قبل وبعد تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادي والانفتاح التي أبدعها الزعيم الراحل ",دنغ شياو بينغ", على مدى سنوات حيث شهدت (بلدتي) تغيرات هائلة. تصف الرواية التغيرات بالبلدة، وفي الوقت نفسه تركز على التناقض بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئة الطبيعية وعدم التوازن فيما بينها.
بهذا المعنى يعتبر كتاب (أيام في بلدتي) لمحة أدبية موجزة وأنشودة تاريخية مفعمة بالعواطف الجياشة. يستعرض الكتاب – الرواية، بأسلوب سهل وبسيط وحيّ، صوراً أصلية، لأرياف الصين، والتي يراها البعض ",جاهلة ", و",متخلفة",.. يروي فنغ جيون كيه بصورة هادئة وبصيرة ثاقبة، قصصاً عن قرى وشخصيات وحالات عادية حدثت في قرية صغيرة بالمنطقة الوسطى للصين، لتكون هذه القصص، بألوانها المجسدة النابضة بالحياة، قطعة أدبية رائعة لا تمحى من الذاكرة.
في المضمون تتطرق الرواية لشخصيات ذاعت شهرتها بين أترابها وبين الناس المحيطين بها. فبعضهم مستقيم وحازم؛ مثل وانغ تشونغ شوي والعجوز لين با، وبعضهم أناني حقير، تصرفاته فظة وتعسفية وغير متوقعة إلى حدّ يشعر القارئ بالذهول والرفض لتلك المواقف؛ كما يحصل في وصف شخصية تان لاو سي رئيس فرقة الإنتاج الثامنة. لقد سعت الرواية لتصوير مختلف هذه الشخصيات بشكل حيّ ودقيق يحفز لدى القارئ التفكير والسعي وراء البحث عن الحدث وشخصيات بنفسه دون ملل أو كلل.
ما يميز الرواية أنها تتناول الأحوال الحقيقية للصين والصينيين في تلك المرحلة التاريخية العصيبة وحيواتهم وطباعهم كبشر وهي قصص مفعمة بالعواطف، والحالات الإنسانية فهي ليست ذكريات الكاتب عن الماضي فقط، بل استعادة إبداعية لحالة كانت قائمة ولا بد من تناول تأثيراتها لأهميتها، وهو ما فعله بالضبط فنغ جيون كه بعمل يتحلى بقيمة أدبية كبرى وعبر صفحات مليئة بتفاصيل دقيقة وعواطف عميقة، وصور وحالات إنسانية عاشها شخصياً تستحق منا القراءة.
يبقى أن نشير أن ",أيام في بلدتي", رواية فائزة بجائزة بينغ شين للأعمال النثرية في الدورة الخامسة لتقييم واختيار روائعها. وذلك في شهر أغسطس عام 2012.