وصف الكتاب
حاولتُ تناول هذه الدعوى من خلال أمرين: الأول السياق التاريخي منذ عام 1965م وحتى الآن، وما حدث خلال هذه المؤتمرات والندوات من أخطاء وأخطار على المستويين الشرعي والسياسي. ثانيًا: قدمت الدليل على علاقة هذه الدعوة بالمخطط المرسوم للمنطقة من استغلال الأقليات الدينية الموجودة فيها لإحداث قلاقل طائفية، يتبعها تفتيت للمنطقة وفق خطة مرسومة نُوقشت في مراكز سياسية داخل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. وربطتُ ذلك بجملة المطالب التي ينادي بها الأقباط في الداخل والخارج (المهجر) من ناحية، وما تم المطالبة به في مصر منذ عام 1911م, كما قمتُ برصد المواقف والاتجاهات من هذه الدعوة، وكذلك دوافع كل فريق من المتحاورين من هذه الدعوة: اليهود، والمسيحيون، والمسلمون، وأوضحت كم هي مختلفة ومتباينة! فلكلٍّ هدفُه من الحوار.
فالحوار مثلاً لدى اليهود له دوافع سياسية بامتياز، وعند المسيحيين الغربيين له أهداف دينية وسياسية، ولدى المسيحيين في المنطقة له أهداف دينية وسياسية يعملون لتحقيقها. أما المحاورون المسلمون فليست لديهم أهداف سوى المجاملات، وتقديم التنازلات، وإحداث تشويش على مفاهيم شرعية هي من ثوابت الدين الإسلامي تختص بالتوحيد وعقيدة المسلمين, كما تم من خلال عقد مثل هذه المؤتمرات تمرير مصطلحات أصبح لها وجود في الأدبيات الدينية والسياسية تخدم مصلحة غير المسلمين، وتعطيها شرعية الوجود، فكان من اللازم نقض مثل هذه المصطلحات مثل الأديان السماوية الثلاثة .. والعقيدة المشتركة .. واعتراف كل طرف من أطراف الحوار بصحة عقيدة الطرف الآخر، بل تم طرح ديانة تجمع الثلاثة في واحد، إلى آخر ما ذكرناه في البحث بهذا الصدد.
كما قدمتُ في النهاية تصورًا لمنظور إسلامي للحوار، وفق ضوابط شرعية وواقعية، مع الاستفادة من الخبرة الإسلامية طول تاريخ المسلمين منذ عهد رسولنا -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام، ثم قدمت نماذج عملية مثل حوارات شيخ الإسلام ابن تيمية، ورحمة الله الهندي، والشيخ أحمد ديدات كنماذج يمكن القياس عليها عمليًّا، فلعلنا نكون بذلك قد أسهمنا في رصد هذه الظاهرة وتحليلها، وتقديم البديل الصحيح للصورة التي يجب أن يكون عليها الحوار.