وصف الكتاب
أنها محطة حافلات في مدينة جديدة تقليدية الطراز، أن جاز لنا أن نسمي هذه الحجرة المنعزلة المصنوعة من اﻷلومنيوم بناء من الاساس. كما جرت العادة مساحة فارغة لا يمكن وصفها إلا بالصغيرة، تكفي لاصطفاف ﻷربع حافلات على شكل صفين شديدي القصر، وعلى الرغم من ذلك فهي تكفي حاجة السكان. في تمام السادسة صباحًا أغادر منزلي الكائن بالحي الذي به المحطة، بعد ربع ساعة أكن أول الواصلين. اتجه إلى الحجرة المنعزلة التي ويا للعجب كتب عليها بخط كبير لا يتناسب مع حجم الغرفة المتواضع ", ناظر المحطة", ﻷمارس مهامي الوظيفية. حجرة تتسع لمقعد خشبي صغير مبطن بالجلد، ورف ملصق بالنافذة الكبيرة والتي يا للسخرية لا تلائم حجم الحجرة، فهي لولا الحياء لتجاوزت جدارن الحائط الذي تسكن به، ومصباح يتيم معلق بالسقف لا يكفي ﻷضاءة زجاجه. هذه الغرفة شديدة اﻷهمية هي مكتبي الذي أدير منه المحطة منذ وصولي وحتى التاسعة مساءًا يوميًا، صيفًا وشتاءًا. أجل كل يوم فهنا لا رفاهية الورديات والاجازات، المكان جديد ويصنف بأنه نائي، وعدد العاملين به لا يتجاوز ثلاثة أصابع. الكثير من زملائي يرفض العمل في تلك المحطات حتى أنهم يتهمونني بالجنون لقبولي ذلك العمل وانتقالي بأسرتي إلى هناك. لا يعلمون سر عشقي للعمل بتلك المحطات. الوحيدة التي تعلم سر شغفي هي زوجتي بل أنها تشاركني فيه. أنه لنقل أنني أحب متابعة البشر، وقراءة ملامحهم، واستنتاج قصص حياتهم. أعشق تأمل الغادين والراحين. هذا يبدو عليه الضيق ربما لتأخره عن العمل أو أنه يبحث عن عمل أو تأخر رفيقه عليه أوأن متابعته الدقيقة تكشف سر ضيقه، وهذا ما لا أجده إلا هنا في تلك المحطات النائية. عندما أعود إلى المنزل أخبر زوجتي بكل ما شاهدته، واستنتجته لتختار من نتابعه لمدة اسبوع، ثم نقييم مراقبتنا هل حققت الهدف المنشود أم نغير الشخص. يظن البعض أن بنا خبا ًلا أو خلل نفسي، واﻷخرين يرجعون ذلك لتأخرنا في الانجاب. لا أنكر أن تأخرنا في الانجاب دفعنا لمحاولة البحث عن وسيلة تسلية تنسينا وجع الوحدة. لكن تلك العادة استمرت بعد انجابي لابني وبنتي الشابين الآن بل أننا نقلناه إليهما، فأصبحا شغوفين به أكثر منا. لهذا لم يتبرم أحد عندما انتقلنا إلى هنا.