هي الضروف والوقائع المجتمعية و الشخصية التي تصنع شخصية الإنسان ، تصنع المواطن و المهاجر ، تصنع المأساة و المعاناة كما تصنع السعادة و الهناء . ولكل منا معطياته الخاصة التي تتحكم في مصيره ، في كثير من الأحيان دون أن نجد لها تفسيرا منطقيا أو موضوعيا يبرز ما تصنعه بنا ! و تضل علامات الإستفهام مشرعة في وجوهنا : لماذا ؟ وكيف ؟ من ؟ و متى ؟ و أين ؟ ... علامات إستفهام تسائل الفاعل و المفعول به ، و المكان ، و الزمان ، و الوسيلة ، و الكيفية ، و النتيجة ... تسائل الوجود و كائناته عن افعالها و اقدارها لتفهم الأحداث و صانعيها ... تسائل الدروب عن مصائر الناس في أزمنة حياتهم قبل أن يصبحوا تاريخا مدونا على سجلات الحياة مروا منها إلى سجلات الوفيات.
تلك هي الظروف و الوقائع التي دونتها رواية ",طريق إلى الجحيم ", لكاتبها اليافع هشام فتحي ، التي صنعت أحداث الجحيم من المغرب إلى أوروبا في طريق إنسان شاب دفعته معطياته الخاصة إلى الهجرة السرية عبر السفر سرا نحو الجنة الموعودة في شمال الكرة الأرضية المحيطة بشواطئ البحار القاتلة ، و ضفاف الأنهار الجارفة القاتلة ، و الأقدام المتورمة في معابر الجبال الشاهقة الباردة ... جنة تغازل العيون و الأفئدة ، و تلاحق القلوب و الأجساد الطرية الغضة في سفن و زوارق الموت ، تحدثهم عن نعيمها دون أسقامها ، و عن سندياتها و أرزها و صفصافها دون حطبها و طفيلياتها ؛ جنة تغري العيون و تجذب إليها المهاجر المعذب في الأرض كما تستجدي زيارة سائحها المترف طلبا لنقوده ، لزيارة رصيد الإقبال عليها هجره سفرا ! جنة محمولة عل أكف الموت المنتقل من تركيا إلى اليونان مرورا بألبانيا ، و الجبل الأسود ، و البوسنة ، و كرواتيا ، و سلوفينيا و مدتها الجميلة الشقراء و مناضرها الخلابة .