وصف الكتاب
إن للرواية كشكل أدبي علاقة بالفن، فهي تكتب عن وعي وتشكل وفقاً لفرض جمالي. فبالرغم من أن الرواية الإنكليزية لم تعرف سوى قلة من الفنانين الحاذقين إلى جانب جين أوستن وفيلدنج، فقد تميزت تلك الرواية بالبساطة في الشطر الأعظم من تاريخها في إنجلترا، نتاج عباقرة كانوا من التواضع بحيث يعتقدون أنهم يؤدون واجبهم طالما أدخلوا السرور على جمهور غير مدقق. وقد اختفت هذه النظرة إلى الرواية بين الروائيين أنفسهم إلى حد كبير، وسواء أكان خطأ أم صواباً، فقد أصبح الروائي يعد نفسه فناناً. ويبدو أن سير دسموند ماكارثي يعدّ الأمر خطأ، فهو يقول في مقالة عن ترولوب، في ",صور Partraits", ",إنه لقول يمكن الذود عنه أن أحد أخطاء النقد في أخريات القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين كان اعتبار الرواية ",عملاً فنياً", بنفس المفهوم الذي تكون به سوناته، أو صورة، أو قصيدة، عملاً فنياً. وإنه لمن المشكوك فيه جداً إذا كانت الرواية تستهدف القيام باستهواء جمالي. وقد تفعل فقرات فيها هذا، ولكنها تستهدف إشباع فضولنا إلى الحياة بنفس القدر الذي ترضى به إحساسنا الجمالي... وأجنحُ أنا نفسي إلى اعتبارها نوعاً فيناً غير شرعي، يهتم اهتمامً سليماً باهتمامات إنسانية كثيرة يجب أن يتنكبها صانع الأشياء الجميلة",.
ويمكن التسليم بأن الدوافع التي تدفع الكاتب إلى كتابة الرواية كثيرة وغامضة، وليست جميعها جمالية، ومع ذلك فإن التضاد الذي يتحدث عنه سير دسموند بين الاستهواء الجمالي وإشباع فضولنا إلى الحياة هو بالتأكيد أمر لا وجود له، وليس هناك داع لوجوده على الإطلاق، إذ يمكن مزج الاثنين. من هنا يمكن القول بأن الناقد الذي يحاول عمل مسح لمجرى القصة الخيالية الإنكليزية في أعوام عمرها المائتين والخمسين كما في هذا العمل، لا يستطيع أن يتخذ موقفاً متزمتاً، إذا كان يأمل في أن يأتي بشيء يتناسب مع المؤلفات الفردية التي تكون موضوعة. يجب أن يغتبط بالجمال الشكلي حيثما وجده ولكن ألا يبالغ في تقدير نتائج الافتقار إليه، ولكن يجب ألا يقصر عن إدراك السبب في أن بعض المؤلفات التي تبدو لنا ثانوية؛ كانت هامة في أولها، كشيء قائم بذاتها ولنقلها موروثات النمو إلى المستقبل فليس هناك في نمو الفن ما يشبه التقدم المادي، فالفن لا يتحسن ويتحسن ولكن مظاهره تتغير فقط، وريتشارد سون الذي تنال المؤلف أعماله الروائية بالنقد في هذا الكتاب كما الآخرين من كتاب الرواية الإنكليزية، هو كامل على طريقته كاكتمال هنري جيمس على طريقته، وهما يعيشان جنباً إلى جنب مع فيلدنج، وكونراد، وديكنز، وجين أوستن، وسكوت، وبقية الآخرين في حاضر مستمر، ويجب تذكر، على نحو ما، أهميتهم لزمانهم ولنا الآن في آن واحد.