وصف الكتاب
يضع هذا الكتاب على مائدة فكرك، عزيزي القارئ، ضرباً من الدراسات العميقة التي تتناول لوناً شعرياً متميزاً، هو ",الشعر الرومانسي",، عند علمين من أبرز أعلامه في تاريخ الأدب العالمي: كولريدج ووردزورث.
ولا يجانب المتأمل الصواب إن هو قال إن مؤلف هذا الكتاب قدم الكثير من عصارة فكر مستنير ونظر ثاقب. فقد ميز بين الرمز وكل من المجاز والقصة الرمزية، وخلص إلى القول إن الرمز هو السبيل الوحيدة لعناق المطلق. وتبين ضربين من الشعر، سمى أحدهما: ",شعر اللقاء", وسمى الآخر ",شعر الإشارة",. وشعر اللقاء هو شعر الرمز الذي يصدر عن رؤية شعرية قائمة على إدراك العلاقات المتبادلة والعميقة والمتأصلة بين الفكر والشعور، وبين العقل والطبيعة، وبين الطبيعة والمتعالي. أما شعر الإشارة فذلك الشهر الذي يشير دون أن يلتحم، وينبه دون أن يلابس.
كان هم المؤلف -وهو أستاذ في جامعة ميسوري في الولايات المتحدة- في دراسة الخيال الرمزي عند كولريدج ووردزورث دراسة دقيقة، ابتغاء الوصول إلى بعض المبادئ العامة التي تحكم الشعر الرومانسي، لأنه رأى أن المظاهر الرمزية عند الشعراء الرومانسيين، ومن ثم المظاهر الدينية، كثيراً ما أهملت أو صرفت عن وجهتها الصحيحة. وكانت مسألة ",الرمز", عند كولريدج خاصة شغله الشاغل، حيث انتهى إلى الاستيقان أنها تقف في صميم مسعاه الفكري الشامل، سواء أكان ذلك في الشعر أم في النقد أن في الفلسفة. ويختم المؤلف مؤلفه بمقال عن ",السياق الديني للرمز",، وذلك بعد أن فقدت الأشياء والكلمات بعدها المقدس، وصارت الحداثة الأدبية تعبر عن ‘حساس بالضياع والعزلة، نظراً إلى أن الإنسان يفصل عن الطبيعة، وعن الآخرين، وعن خالقه ",سبحانه",. ويرى المؤلف أنه من خلال الرمز وحده يستطيع الشاعر أن يعبر عن المتعالي والروحي في التجربة الإنسانية.
إلى ذلك كله رمى المؤلف، وقد أعد ما استطاع من قوة، أما أمر التوفيق في الإصابة فمتروك تحديده لك -أيها القارئ الحصيف الباحث عن الحقيقة.
عيسى علي العاكوب