أبدعت العولمة تمائمها التربوية، وتعويذاتها السحرية، لتحويل المدرسة الى مؤسسة رأسمالية بامتياز في وظائفها وغاياتها. والمدرسة تفقد اليوم كثيراً عن بريقها الإنساني وتألقها الأخلاقي تحت وقع تحولات رأسمالية جديدة تختزل الإنسان الى أبعاده الوثنية وتضعه في دائرة اغتراب إنساني يستلب جوهره الإنساني وعمقه الأخلاقي، وهي تحتضر اليوم على مذابح التقدم المادي للعولمة، وتذهب ضحية الشهوات الرأسمالية الزاحفة نحو المال والربح والقوة والسطوة والسيطرة. يبحث هذا الكتاب في الجوانب الخفية للتحولات الرأسمالية في المدرسة، ويتناول مختلف الديناميات والصيرورات الرأسمالية الصامتة التي تستهدف الجوانب الإنسانية في المدرسة محولة إياها الى مجرد أداة انتاج رأسمالية وجهاز لإنتاج وإعادة إنتاج النظام الرأسمالي في حلته الجديدة. ومن ثم فإن الكتاب يفضح مختلف الممارسات البرجوازية الرمزية في المدرسة بوصفها فضاءً للصراع الطبقي، ويستكشف مختلف العمليات الخفية التي توظفها الطبقة الرأسمالية في تحويل المدرسة الى مؤسسة برجوازية تعمل في خدمة الدولة الرأسمالية لإعادة إنتاج المجتمع سيكولوجياً وثقافياً واجتماعياً على مقاييس المصالح الليبرالية الجديدة.