وصف الكتاب
يجمع هذا الكتاب التاريخ إلى علم الاجتماع إلى هاجس غرامشي لإنتاج نظرية ماركسية في السياسة، كما يقول فواز طرابلسي في مقدمته للكتاب حيث يصف النص ",على أنه نموذج منهجي نادر لتفكير ماركسي في المسألتين الوطنية والقومية، يأخذ غرامشي خلاله المسافة الكبيرة اللازمة عن نظرية ستالين في المسألة الوطنية والقومية",.
وفي تناول غرامشي للمسألة الوطنية – القومية فإنه يمر ويناقش العديد من المفاهيم، فمن ثنائية ",المجتمع السياسي/المجتمع المدني",، مرورا بمفهوم الثورات وخاصة ",الثورة السلبية",، ومفهوم ",الطبقات والتمثيل الطبقي",، من حيث العلاقة بين الريف والمدينة، وليس انتهاء بـ ",الفوارق الاجتماعية غير الطبقية",. لنجد أنفسنا أمام مادة غنية ونادرة لأفكار غرامشي المؤسِّسة التي ",ياما", طالها الغموض، وخاصة مع مقدمة فواز طرابلسي التي أضاء بها المفاهيم الأساسية في الكتاب، وأمِلَ بها أن ",تسهم - أيضاً - في إنتاج معارف أوضح عن مسارات وتحوّلات واقعنا العربي المعاصر",.
يجب الكَفّ عن طَرْح المسألة على الطريقة ",مثقّفاتية", بدلاً من طَرْحها على أسس تاريخية - سياسية. لا أحد يجادل في أن ",البصيرة", الفكرية لظروف الصراع أمرٌ، لا غنى عنه. على أن هذه البصيرة تصير قيمة سياسية، بمقدار ما تصير شَغَفَاً منتشراً، وبمقدار ما تُشكّل ركيزة لإرادة صلبة.
في العديد من المؤلّفات الأخيرة عن النهضة القومية ",تكشّف", وجودُ أفراد رأوا كل شيء بوضوح (...) على أن هذه ",الاكتشافات", تدمّر ذاتها بذاتها، تحديداً؛ لأنها ",اكتشافات",؛ إذ إنها تبيّن أن ما كان موجوداً لا يعدو كونه تأمّلات شخصية، تتخذ اليوم شكل ",نظرة استرجاعية",. والواقع أنها - التأمّلات - لم تتصل مرّة بالواقع الفعلي، ولم تتحوّل إلى وعي قومي - شعبي عامّ، وعملاني.
مَن مثّل ",القوى الذاتية", الحقيقية في النهضة القومية، حزب العمل؟ أم المعتدلون؟ الجواب الذي لا يرقى إليه شكّ هو: المعتدلون، تحديداً؛ لأنهم كانوا مدركين - أيضاً - لدور حزب العمل، وبفضل هذا الإدراك، كانت ",ذاتيتهم", من نوعية أرقى، وأكثر حسماً من نوعية الحزب. تنطوي عبارة فكتور عمانوئيل الفظّة ",إننا نضع حزب العمل في جيبنا",، الأقرب إلى عبارة، يتفوّه فيها رقيب في الجيش، على مقدار من الحسّ التاريخي - السياسي، يفوق بكثير كل أقوال ماتزيني وأفعاله",.