وصف الكتاب
يعد ليوناردو دافنشي أشهر فناني عصر النهضة الإيطاليين والعالميين على الإطلاق. فهو إلى جانب كونه فنان مبدع ساهم بإنجازات في عدد من المجالات كالتشريح والبصريات والميكانيك، فضلاً عن مساهماته الفلسفية والفكرية.
يجمع الكتاب (الأعمال الأدبية) أعمال دافنشي المتفرقة من كتابات وملاحظات ومسودات كتبها وجمعتها دور النشر الإيطالية والعالمية تحت مسميات عدة مثل (كتابات أدبية) ، أو (مسودات ليوناردو دافنشي) وغيرها. وفي هذا الكتاب يتعرف القارىء على شخصية دافنشي عبر آرائه وأفكاره، فهو صاحب كتابة متحررة من قيود التجنيس، ويعتمد التكثيف في جمله وكأنه يطلق عبره وحكمه ووصاياه وشعره معتمداً لغة ينوّع من خلالها في أساليب عرضه ومقاربته وصياغته لأفكاره، كما يبدو في الإلتقاطات التي يقدمها للقارىء. إن هذا الكتاب يتضمن الكثير من الوصايا والحكم والعبر، فيظهر دافنشي خبيراً بالنفس البشرية، فمثلاً عن الخوف يقول إنه يولد أسرع من أي شيء آخر. وكذلك في مقولته ",إن الشيء يحرّك الحاسة", ، في إشارة إلى تبعية الإنسان لحواسه في كثير من الأحيان.
تفصح كتابة دافنشي عن ثراء شخصيته، فتراه في بعض المقطوعات يتنبأ ببعض الأمور ويستشرفها، أو يتخيل بعض الإنجازات ويخطط لها، كالطائرة مثلاً، وقد يغوص في عالم الحيوان كتحليله وتوصيفه لستة وتسعين من الحيوانات في ",مؤلفات رمزية", عن الحيوانات وعاداتها، ويحيل بطريقة غير مباشرة إلى نوع من المقارنة بينها وبين الإنسان في الطباع .
أنجز ترجمة الكتاب عن الإيطالية وهيأ حواشيه كاملة الشاعر السوري رامي يونس المعروف بـ ",أما رجي", حيث كشف في حواشي الكتاب تفاصيل كثيرة متعلقة بدافنشي نفسه أو بالكتّاب الذين يحاورهم أو يحاكيهم، كما ينوه إلى إشارات دافنشي الدينية واقتباساته من القرآن الكريم ، ومن نصوص لأدباء ومفكرين سابقين استقى منهم دافنشي مادته.
ينقسم الكتاب إلى تسعة عشرة فصلاً، بينها ",شذرات فكرية", ، و ",خرافات", ، و ",مؤلفات رمزية", ، و ",تنبؤات", ، و ",طرف", ، و ",إستهلالات", ، و ",رسائل", ، بالإضافة إلى ملحق بصور يضم أروع اللوحات والمخططات لأعمال دافنشي الفنية واختراعاته.
آه أيها الإغريق، لا أحسبُ أنّ أعمالي وجدت لتُروى، فلقد رأيتموها رأي العين. أوديسيوس قال إنّ فعاله وقعت من غير شهود، وأنّ الليل الدامس وحده يعرفها.
آه أيّها الوقت، يا مُتلف الأشياء جميعاً؛ آه أيها الدهر الحسود؛ أنت الذي تُفني الأشياء جميعاً وتلتهم الأشياء جميعاً بأسنان العمر الصارمة، شيئاً فشيئاً بوتيرة الموت البطيئ. هيلين، إذ رأت وهي تتمرأى التجاعيد الذَّاوية التي صنعها العمر على وجهها، بكت وتساءلت في قرارة نفسها لماذا قدّر عليها أن تُجرَف بعيداً مرَّتين.