وصف الكتاب
ظلّ الإنسان خلال التاريخ يبحث عن نافورة الشباب، إكسير الحياة الخالدة الذي يبقينا للأبد شباب في جسدنا وعقلنا. هل حدث مع اكتشاف الخلايا الجذعية، أن العالم الحديث في ",الطب الحيوي", قد نجح أخيراً فيما فشل فيه السحرة والخيميائيون؟ من هنا يأتي هذا الكتاب في محاولة للإجابة على هذا السؤال... كما وأسئلة أخرى وتساؤلات يطرحها موضوع الخلايا الجذعية للصحة والمجتمع.. الآن وفي المستقبل القريب. وكنتيجة ولأن ميدان أبحاث الخلايا الجذعية يتقدم بسرعة بالغة؛ يبدو أن مجرد مضيّ أربع سنوات على صدور الطبعة الأولى منه، يعني أن الكتاب أصبح بحاجة للتحديث.
من أجل ذلك يصدر هذا الكتاب بطبعته الثانية متضمناً أقساماً جديدة عن البيوتكنولوجيا، ",أعضاء فوق رقائق",، بالإضافة إلى موضوع الحقائق والخيال العلمي عن العلاج بالخلايا الجذعية. وبالعودة ولمزيد من التوضيح فإن أعضاء أجسامنا مبنية من مزيج من الخلايا المتخصصة التي تجدّد طريقة عمل كل عضو وما يفعله. هذه الخلايا المتخصصة حياتها أقصر بكثير من حياتنا نحن: خلايا المخ تعيش لسنوات كثيرة، ولكن خلايا الدم البيضاء، وخلايا الجلد، وخلايا الأمعاء تبقى حيّة أحياناً لأيام قليلة. مما يعني أن هذه الخلايا في حاجة مستمرة للإحلال. الخلايا الجذعية المخبأة بعيداً في جسمنا في مصدر هذه الخلايا المتخصصة الجديدة. من هنا فإن مهمة الخلايا الجذعية المخبأة بعيداً في أجسامنا هي مصدر هذه الخلايا المتخصصة الجديدة. وبهذا تكون مهمة هذه الخلايا الجذعية أن تبقى على مدى طول عمر الإنسان ساكنة بانتظار تأدية دورها عندما تكون هناك حاجة إليها؛ حينها تنقسم وتحلّ محلّ الخليّة المتخصصة التي تمّ تدميرها لسبب ما.. وبطريقة ما. من جهة أخرى، فإن الخلايا الجذعية في نخاع العظام والتي تصنع كل خلايا دم الإنسان، قد تم استخدامها وعلى مدى عقود من السنين لتجديد الأم وجهاز المناعة بعد معالجة المرض المصابين بمرض اللوكيميا، وهو نوع من أمراض سرطانات الدم. وقد ثبت أن هذه الخلايا الجذعية يمكن ببساطة متناهية نقلها من متبرع سليم صحيّاً لزرعها في جسم أحد المرضى بمجرد فهم بيولوجيتها الأساسية.
وقد أدت هذه الخطوات الى اكتشاف الكثير من الأنواع المختلفة من الخلايا الجذعية عبر العشرين عاماً الأخيرة، حتى في الأنسجة التي كان يظن أنه لا يوجد فيها أيّ منها، مثل المخ والقلب. ومع فهم العلماء فهماً أفضل لبيولوجيا هذه الخلايا، فإنهم يأملون استخدامها ذات يوم إكلينيكياً؛ بما يماثل الآن استخدام خلايا نخاع العظم الجذعية. هذا وإن أكثر الخلايا الجذعية الموجودة في الأجنة التي يكون عمرها فحسب، أياماً قليلة.
وإلى هذا، فإن هذه الخلايا الجذعية الجنينية كانت وحتى وقت قريب هي الخلايا الجذعية القادرة على توليد المائتي (أو ما يقارب هذا العدد) خلية المتخصصة في الجسم، إلا أن أوشك هذا المنحى أن يمثل مشكلة عسيرة إزاء ما يوجد من اعتراضات أخلاقية ضد ما ينجم عن هذا العلاج من فوائد بالنسبة للمرضى بأمراض بالغة الشدّة، حتى اتخذت أبحاث الخلايا الجذعية منعطفاً جديداً غير متوقع نهائياً. كان هذا سبباً لاكتشاف خلايا جذعية مستحثة وشاملة القدرات، تتأسس على إعادة برمجة الخلايا البالغة، وقد نال كلّ من شينياماناكا، وسير جون جوردن معاً جائزة نوبل في العام 2012 عن هذا الاكتشاف الذي أدى؛ وفي أقل من عشر سنوات، إلى تحوّل في مجال البحث، مما أتاح للعالم في جميع أنحاء العالم الإسهام في أبحاث الخلايا الجذعية شاملة القدرات وقد بدأ العالم، وللتوّـ يرى تأثير هذا في أبحاث الطب البيولوجي، وسيتم في هذا الكتاب في طبعته الجديدة هذه بيان لما هو متوقع في هذا التطور للخلايا الجذعية في المستقبل القريب. وتجدر الإشارة إلى أن هناك إثارة متزايدة حول الخلايا الجذعية مع السيطرة على توجيهها لتصنع طرقاً داخلية في الأبحاث الإكلينيكية (السريرية) والأكاديمية، حيث يرى العلماء بزوغ تكنولوجيا مذهلة، حدودها غير معروفة بعد. إذ يرى الأطباء الآن فرصاً لعلاج أمراض التقدم في السن، والمستثمرون في البيوتكنولوجيا نشأة فرص تسويق جديدة للمنتجات التجارية المبنيّة على الخلايا الجذعية. وأمر آخر، وبالنسبة للتناميات العاصفة في مجال الخلايا الجذعية فإن هذا الكتاب وضعها بوضوح في السياق الصحيح.
وأخيراً يمكن القول بأن هذا الكتاب يضع أمام القارئ نظرة عامة قابلة للفهم وشاملة للتاريخ ولآخر مستوى وصلت إليه المعرفة والتكنولوجيا في مجال الخلايا الجذعية، مميزاً بين الحقيقة والخيال العلمي، وبين الوعود الفارغة والحقائق التي يعد بها غير الخبراء في هذا المجال. وسواء أكنت قارئاً أم طالباً أم مريضاً، أم سياسياً أم محامياً، أو سواء أكنت مستثمراً أو مجرد مهتم بهذا الموضوع، فالأمل أن تستمتع بهذا الكتاب وتكون على دراية ووعي بهذه التطورات التي يشهدها عالم الاستطباب بالخلايا الجذعية.