وصف الكتاب
هذا ديوان لم يجمعه صاحبه، ولا عني به أبناؤه في حياته، ولا بعد وفاته، واقوى الظن أن القصائد التي فيه لا تمثل إلا أقل القليل من مجموع ما قاله من الشعر، ذلك لأن السيد رضا الموسوي الهندي، كان مبكر النبوغ في جملة جوانب، أحدها الشعر، فهو قد تبلغ مرتبة الاجتهاد في الفقه والأصول ولما يتخط العقد الثالث من عمره، واشتهر في العلوم المصاحبة لعلوم الدين قبل أن يتعدى ريعان الشباب، وفي مؤلفاته المتعددة الجوانب دليل على ذلك.
ولم يكن السيد رضا مقلاً في نظم الشعر، فقد كان الشعر منتفساً له ولأمثاله من ذوي المواهب التي هذبتها المتابعة، واصلتها المراجعة، وما إحاطته بأشعار العرب، على اختلاف عصورهم، ومعرفته بأسرار البلاغة وفنونها إلا القوادم والخوافي التي كست أجنحة موهبته فمكنتها من التحليق عالياً في آفاق الشعر، حين ينظمه وحين ينقذه وينظر فيه.
هذا ويمكن تقسيم قصائد السيد الرضا إلى أغراض حددت الجهات المسؤولة عن حفظتها، فمديح النبي صلى الله عليه وسلم، ومديح ومراثي آل بيته الطاهرين غرض-أو جانب من غرض المديح والرثاء-يقع في دائرة اهتمام خطباء المنابر الحسينية، إذ درج هؤلاء على افتتاح كل مجلس خطابي بإنشاء قصيدة مديح أو رثاء قيلت في النبي صلى الله عليه وسلم، أو في واحد من أهل بيته.
وقصائد السيد رضا في هذا الباب، كثيرة وشهيرة ومحفوظة في صدور كبار الخطباء، أخذوها عنه ونقلوها إلى غيرهم من المبتدئين في فن الخطابة، وكان من الممكن جداً أن تجمع هذه القصائد من حفاظها، ولكن أحداً من أبناء السيد رضا أو ذويه أو المهتمين بأشعاره لم يفعل ذلك، انشغال الجميع في شؤون الحياة وشجونها، ولظنهم أن الخلود قد حالف هذه القصائد، فهي تنشد في كل مجلس من مجالس الخطابة، وفي كل بلد يقيم أهله تلك المجالس...
وهذه الحقائق مجتمعة تؤكد أن الشعر المجموع في هذا الديوان، ليس كل ما نظمه السيد الرضا، وأن الكثير منه قد ضاع مما حدا بالأستاذ ",موسى الموسوي", إلى جمع ما وقعت عليه يده، وكان أكثر ما اعتمد عليه في ذلك، المجاميع والأوراق المتناثرة في خزانة كتب السيد ",أحمد أكبر أبناء السيد رضا، والذي كان هو الآخر يحاول جمع أشعار والده.
لقد أحصى السيد ",موسى الموسوي", أعواماً يتصل فيها جهده وينقطع، حتى ظن أن ما صار بيديه هو ديوان السيد الرضا، وكان ينسخ كل قصيدة أو قطعة في مجموع له، لمي راع فيه الأغراض الشعرية، وقد نجد في المجموع القصيدة الواحدة مكرر مرتين، وقد يختلف النص في إحداها عنه من الثانية، وهذا ما حدى بالسيد ",عبد الصاحب الموسوي", إلى القيام بمراجعتها وتحقيقها في هذه الطبعة التي بين أيدينا وإلى النظر في النصوص المكررة فيها، وإن تبويبها على الأغراض، كما واهتم بالتقديم للديوان بترجمة لصاحبه ولنطاق عمل جامعة السيد ",موسى الموسوي", ولعمله هو كمحقق لهذا الديوان.