وصف الكتاب
كان فندر مستشرقاً أمريكياً كاثوليكياً، تحول إلى البروتستانية لأجل الطمع الدنيوي وذلك لأنه رغب في إستيطان إنكلتره رئيساً للمنصّرين في الهند، فأظهر نشاطاً كبيراً، بحيث عده المنصّرون ثالث أخطر منصّر يدخل الهند، يعقد خلالها الندوات ويقي المحاضرات في كل مكان يحل فيه، طاعناً في عقيدة الإسلام، ومشككاً في القرآن الكريم، وفي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وداعياً إلى النصرانية ومتحدياً علماء المسلمين علناً، مثيراً المجادلات الدينية معهم. وقد كان من أجرأ من كتب في الطعن على الإسلام ونبيه وكتابه، فألف عدة مؤلفات خطيرة للدفاع عن العقائد النصرانية وتشويه عقائد الإسلام وهي ", مفتاح الأسرار ", و ",حلّ الأشكال ", و ", طريق الحياة ", و ", إظهار الدين النصراني ", و ", ميزان الحق ", الذي هو أخطرها وأكثرها ترجمة للغات الهندية، وقد كان ألفه بالإنكليزية سنة 1833 م. وقد ردّ على هذا الكتاب ", ميزان الحق ", من علماء الهند الشيخ ناصر الدين أبو المنصور الدهلوي في كتابه ", ميزان الميزان ", والشيخ محمد آل حسن الرضوي في كتابه ", الإستفسار ", كما رد عليه من علماء الهند الشيخ علي بن عبد الله البحراني في كتابه ", لسان الصدق ", والشيخ عبد الرحمن الجزيري في كتابه ", أدلة اليقين ", أما الشيخ رحمه الله فقد رد عليه بثلاثة كتب هي ", إزالة الأوهام ", بالفارسية و ", معدل إعوجاج الميزان ", بالأردية و ", إظهار الحق ", بالعربية. وقد رأى فندر أن الجو قد خلا له فإزداد جراءة وتحدياً. ورأى الشيخ رحمه الله أنه لا سبيل إلى الحد من نشاط فندر وغيره وإعادة الثقة إلى نفوس المسلمين إلا بمناظرة فندر في مجمع حافل يحضره المسلمون والمواطنون والحكام الأوروبيون والنصارى، وكان فندر كثير الإدلال بكتابة ", ميزان الحق ", فخوراً به وليس أنه ليس من السهل معارضته ونقضه من علماء المسلمين. لما رأى الله رحمه الله ذلك مهد للرد عليه، وطلب منه متحدياً إجراء هذه المناظرة، وبعد مكاتبات ومراسلات وزيارات إتفق على إجراء هذه المناظرة على أن تكون في المسائل التالية: التحريف والنسخ والتثليث وحقيّة القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم. فإنعقد مجلس عام مشكل من القضاة والمفتين ورؤساء الدولة الإنكليزية التي كانت تحتل الهند، وكتاب دواويتهم وغيرهم، في بلدة أكبرآباد في سنة 1854 م. يقول الشيخ رحمه الله: ", فظهرت الفعلية لنا بفضل الله في مسألتي النسخ والتحريف اللتين كانتا من أدق المسائل وأقدمها في زعم القسيس، كما تدل عليه عباراته في كتاب ", حل الإشكال ", فلما رأى ذلك سد باب المناظرة في المسائل الثلاث الباقية ",. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يروي وقائع تلك المناظرة التي جرت بين الشيخ رحمه الله الهندي والقسيس فندر الإنكليزي.