وصف الكتاب
إذا كان القرنان الثامن عشر والتاسع عشر شكلا العصر الثاني الكبير للأنظمة الفسلفية، فإنه بالإمكان اللكلام أيضاً عن النظام الفلسفي للرواقيين، كما عرضه دون أن ينطوي الكلام على أية مغالطة تاريخية في هذا السياق. فقد كان الرواقيون بالفعل أول فلاسفة في التاريخ ذوي نظام فلسفي، لأن الفلسفات السابقة لهم لا سيما فلسفات أفلاطون وأرسطو، لم تكن منسقة تماماً وفق نظام. إن التنظيم الأرسطو للعلوم الفلسفية هو تسلسلي بحت، فأرسطو يميز ثلاثة أنواع من العلوم: علم عملي وعلم منتج وعلم نظري. في العلمين الأول والثاني يوجد مبدأ حركة داخلي للذي يملك العلم، ألا وهو مبدأ العمل أو مبدأ الإنتاج، بينما في حالة العلم النظري فإن مبدأ الحركة هو خارجي للذي يملك هذا العلم ( علوم طبيعية )، أو أن موضوع العلم هو ساكن (رياضيات، وتيولوجيا، علم اللاهوت ). إن الذي يدرس العلوم النظرية لا يمكن أن يكون له أي فعل على مواضعها. إذا كان يوجه حقيقة تنظيم للعلوم فإنه نسبياً خارج عن الفلسفة أو بلأحرى متضمن فيها، إذ أن العلوم النظرية فقط، وإلى حد ما ، العلوم التطبيقية هو من إختصاص الفسلفة، في ما يختص بالعلوم النظرية، فإنه يوجد في نظر أرسطو ثلاثة علوم نظرية رئيسية وهي منظمة تسلسلياً: الفيزياء، الرياضيات، والتيولوجيا. فإذا كان يوجد عند أرسطو تسلسل العلوم النظرية، فإن مجموع فلسفته لا يشكل حقيقة ، نظاماً فلسفياً ، هذا فضلاً عن أي مكان المنطق ( كلمة لم يستعملها أرسطو بعد ) لم يكن معرفاً بوضوح. على العكس من أرسطو كان مجموع الفسلفة عند الرواقيين منظم في ثلاثة أقسام، حسب نظام عضوي وليس تسلسلي، وهي: منطق، أخلاق وفيزياء، ليس لأي من هذه الأقسام الثلاثة صدارة على بقية الأقسام الأخرى ولا يوجد ميتافيزيقيا عند الرواقيين، حيث التيولوجيا تشكل قسماً من الفيزياء. هذه الأقسام الثلاثة هي في علاقة تبعية متبادلة ممثلة بإستعارات ضوية، مثل إستعارة البيضة حيث القشرة تمثل المنطق، والبياض يمثل الإطلاق والصفار الفيزياء. إذا تصدر الرواقيون النظام حسب هذا النموذج العضوي، ذلك لأنم طبقوا عبارة ", نظام ", على تنظيم المفاهيم في النفس أولاً، تنظيم يكون العقل. ان أجرو يلاحظ أن الإعجاب بنمط الحياة الرواقية والإنتساب إلى هذا النمط سبقاً معرفة العقيدة وتنظيم البراهين. إن الشعور بالإعجاب بفضائل كتب أجرو، هو الذي قاد حزيزية إلى الرواقية. وبالنسبة له فإن الحضرية الأخلاقية للنظام الفلسفي التي تستحق الإهتمام الذي نكرسه لتماسكه النظري. إنه هذا الترابط الذي أراد عرضه بهذه الجزالة لأول مرة في اللغة الفرنسية. لقد قام بعمله هذا قبل جمع الكمية الكبيرة من الوريقات المتبقية للرواقيين القدماء والتي قام بها هانس فون أرنيم في مجموعة وريقات الرواقيين القدماء عام 1930. أجرو أبدى معرفة ملفتة للنظر بالنسبة للنصوص التي كانت لا تزال مبعثرة. وقد مثل كتابه أول دراسة للنظام الرواقي في اللغة الفرنسية. في هذه المناخات يأتي هذا الكتب الذي ضم نصوص لأجرو جهد المترجم في ترجمتها كما لو قام هو نفسه بهذا الحل وإن القارئ المعاصر لن يكون مشوشاً عند قراءته لهذه النصوص المترجمة، وذلك أن أغلب الخيارات التعبيرية لأجر ولا تزال سارية المفعول في اللغة الفرنسية وأخيراً إن التجديد الحديث للدراسات الواقية في فرنسا هي مناسبة لإعادة إكتشاف هذا الكتاب (كتاب أجرو) من جديد.