وصف الكتاب
",المصطلح الفلسفي عند العرب", هذا كتاب يتناول بالدرس والتحقيق موضوعاً مهماً في سياق النهضة العربية الحديثة؛ فهو يسهم في الكشف عن مسألة تعتبر، الآن، من أهم مسائل تأصيل التراث الفلسفي العربي؛ وبوجه خاص دور الفلاسفة العرب في علم المصطلح الفلسفي Philosophical Terminology وإعمامه ونشره.
وأن الحاجة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، تبدو كبيرة، لإعادة تنظيم التراث الفلسفي العريي بما ينسجم مع تطورهم الفكري، وليس من الصحيح القول: أن ما هو موجود في المصطلح الأوروبي يكفي للدلالة على ما يطلبه العرب من تطوير لمواقفهم الفلسفية عموماً، لأنهم بذلك يقطعون الصلة بين تراثهم وفكرهم الحالي؛ وأنه لمن الخطأ، كل الخطأ، الإعتقاد بأن حاجات العصر الراهن تحتم التفتيش عن ما أنجزه الفلاسفة العرب في صميم الفكر، لغة ومعنى؛ فهذه كذبة كبرى زوقتها مذاهب مليئة بالدعاوى الزائفة التي أبعدتها عن التراث الأوروبي أيضاً.
ولقد ظهرت في السنوات الأخيرة إسهامات طيبة ومشروعة لتأسيس معجمية فلسفية لباحثين ممتازين؛ لكن محاولاتهم لم يراغ فيها ظهور المصطلح الفلسفي وتطوره إلى جملة من المفاهيم، ويأتي ذلك من عدم جمع وتحقيق رسائل الفلاسفة في الحدود والرسوم في مجلد واحد، لكن يكشف عن تطور المصطلح من مبدأ إستعماله، والكيفية التي نشأ عليها تداوله.
إن مجمل المعاجم المتوفرة، وهي معاجم فلسفية غير كاملة وغير دقيقة قياساً بالتراث الفلسفي العربي، تعتمد إعتماداً تاماً على نصوص متأخرة للجرجاني، وفي أحسن الأحوال ترجع إلى ابن سينا في رسالة الحدود.
من هنا، تُلاحظ طفرة في صياغة المصطلح في هذا المعنى المحدد، إلى معانيه الأوروبية في الفلسفة الحديثة؛ إن المعاجم المتوفرة الآن هي في الحقيقة لم تنجز شيئاً حقيقياً في سياق دراسة المصطلح الفلسفي عند العرب، والكشف عن إنجازات الفلاسفة في هذا السياق.
ولعل ما تقدم به مؤسسة التعريب من إعداد (القاموس الفلسفي) ما يؤكد الضرورة التاريخية لمثل هذا العمل، أي العودة إلى التراث الفلسفي العربي؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن القصد من هذا الكتاب، التنبيه إلى أهمية هذا الإتجاه الأخير، وتأكيده، ووضع مادته بأيدي الباحثين في المجامع العلمية العربية، والجامعات، ومؤسسة التعريب، وفي الوطن العربي، للإفادة في مسارده في توثيق المعرفة بالمصطلحات الفلسفية عند العرب، فهو إلى هذا يوضح الطريقة التي يجب من خلالها معالجة المصطلحات في سياق تحقيقها ودرسها.
وخلاصة القول أن للفلاسفة العرب لغتهم الإصطلاحية التي ازدهرت أبان الحضارة العربية خلال خمسة قرون، والعرب اليوم في أمس الحاجة إلى درسها بما يتساوق مع طبيعة جمعها وتحقيق نصوصها، لكي تكون دليلاً للأساليب التعبير الفلسفي في أيدي الباحثين في محبي الفلسفة وطلابها.