يأخذ علم النفس بشكل عام، وعلم النفس الإنساني بشكل خاص الجانب الإنساني (النفسي والعقلي والشخصي والثقافي) عند تحليل سياقات التفاوض بين المفاوضين سواء أكانوا أفراداً أم جماعات، كما يؤكد علم النفس المعرفي والأطباء النفسيين على فحص الأفكار والمعتقدات المتصلة بعواطفنا، وخبراتنا المزاجية والبدنية، والسلوكيات أثناء عملية التفاوض بإعتبارها القاعدة والأساس لكل عملية تفاوض، ويقول هوارد رايفا Howard Raiffa في كتابه الفن وعلم التفاوض (1882) في هذا السياق: إن عملية التفاوض هي عملية عقلية وسلوكية بالدرجة الأولى، لأنها تركز على الحكم في ظل عدم اليقين والإستدلال والتحيزات وإتخاذ قرارات في ظروف صعبة.

والفكرة المركزية هي أن تصورنا للحدث أو الخبرة التفاوضية قد تؤثر بقوة في الإستجابات الفسيولوجية والعاطفية والسلوكية للفرد، وهذه الإستجابات تجيب عن التساؤل التالي: كيف يفكر الناس، وكيف يشعرون، ويتصرفون تجاه الأفراد والجماعات الأخرى أثناء حالة الصراع مع بعضهم بعضاً.

ويتناول هذا الكتاب التفاعل بين الإدراك والعاطفة والمعرفة أثناء ممارسة التفاوض، وهذا التفاعل يتأثر دائماً بالإدراك والإنفعال والمشاعر، والغاية من وراء ذلك هو إنشاء إطار نظري متكامل للبعد النفسي للمفاوضات على أساس: الجوانب التحيزية التحفيزية والعاطفية والمعرفية، السلوكية التي تؤثر على عملية التفاوض وصنع القرار والمشكلات التي تحول دون تحقيق ذلك.