تتزايد معدلات انتشار الاضطرابات النفسية والعقلية بتزايد السرعة في تغير حياة الناس نتيجة تعقد مطالب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وصارت الحاجة الى الثقافة النفسية الإكلينيكية ضرورة حتمية لتجنب الوقوع بالمشكلات المعرفية والسلوكية والانفعالية، ومعالجتها، أملا بالشفاء منها وخاصة لدى المصابين في دوامة هذه الاضطرابات.
إن كتاب (علم النفس الإكلينيكي في التدخل العلاجي) يوفر معلومات متكاملة لعلم النفس الإكلينيكي الحديث الذي تجاوز حدوده التقليدية بين علم نفس الأعصاب المعرفي، والصحة النفسية، ومعطيات نظريات العلاج المختلفة، وأصبح يسهم في كثير من المجالات الحيوية التي يظل الإنسان بالحاجة إلى تعلم الخبرات الجديدة كي يمارس دوره بنجاح.
إن هذا الكتاب يسجل تطورا جوهريا في التشخيص الدقيق لمختلف الأمراض النفسية (العصابية) وتشمل: القلق، الهستيريا، الوساوس القهرية والإنهاك النفسي. وتطبيقات عملية للعلاج النفسي والسلوكي والمعرفي.
وقد امتدت فائدة الكتاب إلى اتخاذ نفس المنحى للأمراض العقلية (الذهانية) وتشمل ذهان الشيخوخة، الإدمان، الفصام، الاكتئاب والبارانويا. فضلا عن الاضطرابات الشخصية كاضطرابات الوزن والأكل، والنوم. وتم تخصيص فصل لكل منها شمل كافة الخبرات الإكلينيكية التي تميزت وبوضوح أساليب التشخيص الإكلينيكي بين دراسة الحالة، والمقابلة بفنياتها المتعددة، واستخدام وسائل القياس النفسي، التي من شأنها أن تؤدي إلى تحديد نوع أو أسلوب العلاج الناجح. وقد تم وضع المعالجات لكل من الاضطرابات، فضلا عن تقديم برامج تطبيقية للأساليب العلاجية تفصيلا وذلك في ستة ملاحق يحتاجها طلبتنا والكادر النفسي الإكلينيكي لاستخدامها بمعالجة العديد من الاضطرابات.

ان التوسع والتعمق الذي شهده علم النفس الإكلينيكي في مجالات التشخيص والعلاج قد فرض على هذا الكتاب ان يتسع منظوره بتلك المجالات، وقد وفينا بذلك من خلال الإضافات الجديدة في فصول مستقلة ندر الحديث عنها في كتاب من هذا النوع، وقمنا بتغطية كافة القضايا المتعلقة بعلم النفس الإكلينيكي بأسلوب يتصف بالدقة والتأصيل، واتسمت مادته بالحداثة مؤكدين على هدفين رئيسين هما: منهجية التشخيص والمعلومات الإكلينيكية، ووصف العلاج الذي أظهرت الجهود العلمية فائدته في التدخل فوضعت في ملاحق وجداول خاصة بها وهذه ميزة جوهرية للكتاب.

ان هذا الكتاب إسهام فريد ذا قيمة عالي لطلبة الجامعة والاختصاصيين المعنيين بتطبيق العلاج النفسي، والسلوكي، والمعرفي على نوعيات واسعة من المشكلات السيكاترية. وسيجد المستفيد في كل فصل معلومات إكلينيكية ثرية ذات قيمة نظرية وعملية بكيفية توظيف الأساليب العلاجية وكيفية تطبيقها.
ويقر المؤلف: انه من مصادر سعادتي الشخصية أرى أن الكم الواسع من طلبة الجامعة والباحثين والاختصاصيين جعلوا من هذا المنحى سبيلا صحيحا يتطلب القدرة على تكامل العمل الإكلينيكي تنفيذا لرغبتهم بذلك لكي يحققوا ذواتهم، ويبنون لأنفسهم مستقبلا باهرا.
واني على يقين ان كل المستفيدين من كتاب (علم النفس الإكلينيكي في التدخل العلاجي) يؤمنون مثلي ان مرضانا يهدونا الى التفكير الإبداعي المنتج في الأساليب العلاج نظراً لتنوع اضطراباتهم، اذا كنا حريصين على الاستفادة من معطيات هذا الكتاب وتقديم الخدمة الإنسانية لهم، لأن ما تحقق من نمو وارتقاء في تقديم مضمار علاج الأمراض النفسية لم يقتصر الآن على العلاجات الطبية بل اتسع ليشمل أنواع مختلفة من العلاجات النفسية، ولم يكن الحديث عن علاج واحد يصلح لكل الاضطرابات بل أصبح الاعتماد على مجموعة برامج علاجية حتى تتحقق الفائدة.