ملخص كتاب شجون عربية
المصدر : engzketab
الملخص
1- داعش والداعشية - الجزء الاول
فُجِعَ الناس فجأة بأفعال داعش من تهجير المسيحيين من شمال العراق، هدمُ مقامات الأنبياء القدماء، دعوة النساء للختان، المبادرة للإشراف على تقطيع فروج الرضع من الإناث ليصرن مسلمات صالحات في المستقبل، تهديد المخالفين لهم ممن وقعوا تحت سيطرتهم، کي يُقدموا نساءهم لأوباش داعش تنفيذاً لجهاد النكاح إحياء ما يتوهمون أنه ",سّنة", نبوية، وكانت آخر فتاواهم المُخْتَلّة: لابد من هدم كعبة مكة، لأنها كانت قديماً بيتاً للأوثان.
وقد نبعت ظاهرة الاستناد إلى الأساس الديني للحكم السياسي، والاحتكام إلى العقيدة كوسيلةٍ مُثلي للوصول إلى السلطة والبقاء فيها أولاً من مصر ثم انتشرت في أنحاء الأرض؛ حيث ادعى الفراعنة أن الآلهة كلفتهم بحكم البلاد. وفي الزمن الحديث، استمرت هذه الظاهرة مع ما سوف يسمى ",تيار الإحياء الديني", وهو الاتجاه الذي قاده جمال الدين الأفغاني. حتى خرجت من عباءة تلميذه جماعة الإخوان المسلمين. وخلال الثمانين عاماً الماضية، تنازع ",الإخوان", والسلطات السياسية في مصر، فتوالت أحداث كثيرة في طريق سعيهم إلى السلطة السياسية.
وقد تنوعَّت في مصر مسميات هذه الجماعات المتوسّلين بالدين إلى الدنيا، فكان منهم جماعة يسميها أهل الصعيد (السُّنيين) ويسمون أنفسهم الوهابية،.وجماعات أخرى متباينة المنازع متوافقة في العداء لبقية المجتمع منها: التبليغ والدعوة، التكفير والهجرة، الجماعة الإسلامية، السلفية الجهادية، العائدون من أفغانستان. وبصرف النظر عن تعُّدد المسميات لهذه الجماعات، فإنها جميعاً أشكال لجوهرٍ واحد، وتحكمها كلها طريقةُ تفكيرٍ واحدةٍ تعتمد على إعطاء الأفضلية لعضو هذه الجماعة على بقية الناس، استناداً لمعيار ",الإيمان",. وهو معيار لا يمكن ضبطه، لأنه سِرٌّ قائمٌ بين الإنسان والله. وعلى أرض الواقع تسير هذه الجماعات قُدُمَّاً، على نفس المنوال حيث تمرُ بأفرادها عبر محطات ثلاثة: الإنابة عن الله في الأرض، الخروج من ديار الكفر، الإبادة للمخالفين. وعندما يصير القتل شرْعَةً ومِنْهَاجاً، فلا يُرَاعي المتحمس دينيًا حُرمةً لغيرهِ؛ لأن جميع المخالفين له والمختلفين معه، هم عنده على خطأ، لأن الحقيقة عنده واحدة ومُطلقة، وهو وحده الذي يمتلكها، ولذلك فالآخرون كلهم مخطئون ويستحقون الويل. لأن المخطئ في العقيدة والمذهب والديانة، لا يستحق الحياة التي وهبها الله له؛ فيكون قتلٌ، وتكونُ داعش.
وقد أفتى ",مفتي", داعش في أثناء فورتها الأولى بغمرة الانهماك في ذبح المسلمين السنة من أفراد الجيش العراقي، والمسلمين الشيعة من سكان القرى، والأيزيديين، والمسيحيين. في غمرة هذا (الذبح) الذي روعت حوادثه العالمين، جاءت الفتوى: الذبح فريضة إسلامية غائبة! واستدل ",المفتي", بالحديث النبوي الشهير: جئتكم بالذبح. وهكذا جعلوا (الذبح) سُنة نبوية يجب أن يراعيها على زعمهم كل مسلم، وللفقهاء على اختلاف أطيافهم ومذاهبهم آراء مختلفة في تلك الوقائع، فحديث ",جئتكم بالذبح", يراه البعض (الداعشي) سنداً يؤكد فريضة الذبح، ويراه البعض الآخر أنه مجرد عبارة صدرت عن النبي في مُشادة مع المشركين كان بينهم (أبو جهل) عند الكعبة، إذ كان المشركون يُضايقون النبي ويتوعدونه. فرد عليهم بقوله: أرسلني ربي إليكم بالذبح. فقال له أبو جهل لتهدئة الحال: يا محمد ما كنت جهولاً (عنيفًا) فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله: وأنت فيهم (منهم). وقد قال بعض الفقهاء أنه كلام لا يجب الوقوف عنده، وقال فقهاء آخرون: إن النبي قد أوتي جوامع الكلم، بل ذبح فعلاً (عقبة بن أبي معيط) الذي كان يومها جالساً مع (أبي جهل) وجماعة قريش.
2- داعش والداعشية - الجزء الثاني
وكان أول ما فعلته ",داعش", فور دخولها العراق قيامهم بهدم الآثار القديمة في الموصل وما حولها، بما فيها الآثار ذات الطابع الديني، مثل شواهد وقبور الأنبياء القدماء. وبالنظر في مسألة تُعَدّ من القواعد الأساسية للنزوع الداعشي هي مسألة طمس الآثار القديمة.. فنقول في ذلك:
أولاً: الداعشية اسم مؤقت يدل على انفجار النزعة الهمجية والمجاهرة بالعداء لكل الموروثات الإنسانية ذات الطابع الحضاري، لأنها تمثل النقيض التام للاتجاه البدائي ",الداعشي", الأصيل، وبالتالي فالحل هو هدمها بالاستعانة بالمتفجرات القوية والأسلحة الفتاكة.
ثانياً: طمسُ الآثار هو نهج معتاد لكل الجماعات الدينية التي تنتهج العنف في ميدان السياسة والسلطة.
ثالثا: للطمس أسانيد إسلامية مشبوهة، يستشهد بها كارهو الحضارة. منها أن النبي طَمَسَ الرسومات التي كانت على جدران الكعبة، وفات الداعشيون المستشهدون بهذه الوقائع، أن المسلمين الأوائل ",الفاتحين", لم يَقُم أحد منهم بطمس أثرٍ قديم.
وقد ساد الاعتقادُ في الذهنية العامة، العربية والإسلامية، بأن ",الحاكم", هو ظل الله في الأرض، وتم دعم هذا الاعتقاد الوهمي بما لا حصر له من شواهد النصوص، خصوصاً الأحاديث النبوية. بحيث لم يعد بإمكان أحد الشك أو التشكيك في هذه المسألة، وإلا واجهته التهمة المشهورة: ",إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة",
والدواعش جميعهم، يتاجرون بوهم ",خلافة", ويطرحونه على عموم المسلمين، كأنه شرط من شروط الإسلام. مع أن الخلافة مجرد تسمية لنظام حُكم سياسي تصادف أن استعمله المسلمون الأوائل، حين أطلقوا صفة (الخليفة) على أول حاكم لهم عقب وفاة الرسول، حيث لم يكن من الممكن أن تمتد صفة (خليفة خليفة خليفة رسول الله)، فأسقطوا كلمة (رسول الله) من صفة الحاكم، وجعلوا مكانَهَا كلمة (المسلمين) فصار الحاكم الإسلامي يسمى اصطلاحاً: خليفة المسلمين. وصار نظام الحكم السياسي يسمى", الخلافة", تمييزاً له عن أنظمة الحكم السارية.
وعلى هذا النحو سارع الدواعش بإعلان رجلهم ",أبو بكر البغدادي", خليفة للمسلمين، من دون أن يبايعه أحد غيرهم. والذي يعني ضمنا عدة أمور متسلسلة يتبع بعضها بعضاً، هي على الترتيب: الدواعش يطبقون الشريعة ويقيمون الحكم الإسلامي، أن الذي لا يدين بالطاعة للخليفة الداعشي ليس مسلماً، مهما أعلن الشهادة، لأنه شخص جاهلي (حلال الدم والمال والعرض) اعتمادًا على حديث منسوب للنبي يقول فيه: مَنْ مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية!
كتب اخرى للمؤلف
كتب فى نفس التصنيف