ملخص كتاب عبقرية عمر
المصدر : ملخصات كتب
الملخص
قدم العقاد مجموعة من الحوادث ، قد لا تكون أهم من غيرها في حياة عمر بن الخطاب، لكنها كانت تقدم تعريفا بشخصية عمر، ليستخلص الكاتب مجموعة من الأفكار ، شكلت مجتمعة خريطة نفسية لشخصية عمر.
و أهم هذه الأفكار التي جاءت في الكتاب
عمر العبقري
(لم أرَ عبقرياً يفري فريه) كلمة قالها النبي عليه الصلاة والسلام.
من علامات العظمة التي تحيي الأمم أن تختص بقدرتين:
أولهما: أن تبتعث كوامن الحياة و دوافع العمل في الأمة بأسرها.
و الأخرى: أن تنفذ ببصيرتها إلى أعماق النفوس فتعرف بالبديهة الصائب فيم تكون عظمة العظيم و لأي المواقف يصلح.
و كلتا القدرتين كان لهما الحظ الوافر في سيرة عمر بن الخطاب.
و قد كان عمر قوي النفس، بالغاً في القوة النفسية، و لكنه على قوته البالغة لم يكن من أصحاب الطمع،
و لم يكن ممن يندفعون إلى الغلبة و التوسع في السلطان و الجاه يحفزه إليه و هو كاره ،
لأنه كان مفطوراً على العدل و إعطاء الحقوق و التزام الحرمات ما التزمها الناس من حوله.
و كان من الجائز أن يهيجه خطر على قبيلته فينبري لدفعه و يبلي في ذلك بلاء يتسامع به العرب في جيله و بعد جيله.
صفاته
كان عمر رجلًا ممتازًا بعمله، ممتاز بتكوينه، فإذا وصفته للأقدمين الذين يقيسون العبقرية بالفراسة و الخبرة، عرفوا من صفته أن الذي يوصف لهم رجل ممتاز.
و إذا وصفته للمحدثين الذين يقيسون العبقرية بالعلم، عرفوا من تلك الصفة أنه رجل ممتاز أو رجل موهوب .
كان مهيبا رائع المحضر حتى في حضرة النبي الذي تتطامن عنده الجباه، و أولها جبهة عمر.
( أذنَ النبي يوماً لجارية سوداء أن تفي بنذرها “لتضربنّ بدفها فرحاً أن ردّه الله سالماً” فأذن لها عليه السلام أن تضرب بالدف بين يديه، ودخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عثمان و هي تضرب و الصحابة مجتمعون فما هو إلا أن دخل عمر حتى وجمت الجارية، و أسرعت إلى دفها تخفيه و النبي عليه السلام يقول: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر).
ومن صفاته أنه كان طويلاً، جسيماً صلباً يصرع الأقوياء، وكانت له فراسة عجيبة نادرة يعتمد عليها و يرى أن ( من لم ينفعه ظنه لم تنفعه عينه).
العدل و الرحمة و الغيرة و الفطنة و الإيمان الوثيق صفات مكينة فيه لا تخفى على ناظر.
و أكثر ما اشتهر به عمر العدل ، فقد كان عادلا، لأنه ورث القضاء من قبيلته و آبائه،
فهو من أنبه بيوت بني عدي الذين تولوا السفارة و التحكيم في الجاهلية.
و كان عادلا لأنه قوي مستقيم بتكوين طبعه أو بتكوين الموروث،
إذ كان أبوه و جده نفيل من أهل الشدة و البأس.
و طُبع عمر بصفة الغيرة فكان الغيور بين الغيورين و قال محمد عليه الصلاة و السلام ( إن الله غيور يحب الغيور، وإنّ عمر غيور).
( هو الذي أشار على النبي بحجاب أمهات المسلمين، وكان يرى إحداهن في الظلام ذاهبة لبعض شأنها فيقول لها:
عرفتك يا فلانة، ليريها بأنها بحاجة لمزيد من التحجب. و قد ضجرت إحداهن منه لهذا فقالت له:
و إنك علينا يا ابن الخطاب و الوحي ينزل في بيوتنا)
على أن الغيرة في ابن الخطاب لمت تكن مقصورة على المرأة بل غيرته على المرأة لم تكن إلا شطراً.
و غيرة عمر غيرةٌ محمودة فهو يغار على حق، أو يغار على عرض، أو يغار على دين، أو يغار على صديق و صاحب حرمة و لا يغار من هذا و ذاك لنعمة أصابها ،
إنما كان يغار على شيء يحميه و يعلم من نفسه القدرة على حمايته فهي غيرة من يريد الحماية لغيره و لا يريد انتزاع الخير لنفسه.
عمر والدولة الإسلامية
يعد عمر بن الخطاب مؤسسا للدولة الإسلامية قبل ولايته الخلافة بسنتين فكان مؤسسا لها منذ أسلم فجهر بدعوة الإسلام وأذانه و أعزها بهيبته و عنفوانه.
و كان مؤسساً لها يوم بسط يده إلى أبي بكر فبايعه بالخلافة و حسم الفتنة التي أوشكت أن تعصف بأركانها .
وكان مؤسساً لها يوم أشار إلى أبي بكر بجمع القرآن الكريم و هو في الدولة الإسلامية دستور الدساتير.
أما ملاك النظم الحكومية فجعلها كلها نظام شورى فجمع عنده نخبة الصحابة للمشاورة والاستفتاء،
و جعل موسم الحج موسماً عاماً للمراجعة و المحاسبة و استطلاع الآراء في أقطار الدولة، يفد فيه الولاة و العمال لعرض حسابهم و أخبارهم و أخبار ولايتهم ،
و يفد فيه أصحاب المظالم و الشكايات لبسط ما يشكيهم و يفد فيه الرقباء الذي كان يبثهم في أنحاء البلاد للمراقبة، فهي جمعية عمومية كأوفى ما تكون الجمعيات العمومية في عصر من العصور.
و قبل أن يضع دستورا للبلاد وضع دستورا لنفسه قوامه أن الحكم محنة للحاكم و محنة للمحكومين، و أن الخليفة مسئول عن ولاته واحدًا واحدًا في كل كبيرة وصغيرة و لا يعفيه من اللوم أنه أحسن الاختيار.
قال يوما لمن حوله : ( أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ما عليّ؟ قالوا نعم ، قال:
لا، حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا)
و لما سُئل يحل للخليفة من مال الله، قال: (إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتان : حلة الشتاء و حلة للصيف، و ما أحج به و أعتمر و قوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد رجلٌ من المسلمين).
قبل أن يُقال إن عمر كان أكبر فاتح في صدر الإسلام، ينبغي أن يقال إنه كان يومئذ أكبر مؤسس لدولة الإسلام وإنه أسسها على الإيمان و لم يؤسسها على الصولجان.
مقتله
خرج يوما يوقظ الناس لصلاة الفجر ثم يسوي الصفوف للصلاة فلم يؤم الناس حتى فاجأه القاتل بطعنتين إحداهما في كتفه و الأخرى في خاصرته ، و قيل ثلاث طعنات.
فلم تشغله هذه الطعنات عن الصلاة و لم يفكر أن يشغل المسلمين بمقتله عن أداء فريضتهم و سأل عن عبد الرحمن بن عوف ليصلي بالناس.
و لم يهمه من قتله بعد أن حُمل إلى منزله إلا أن يعرف ألمظلمةٍ كان قتله أم لبغي من القاتل؟
فلم علم أنه أبو لؤلؤة قال: و لمَ قاتله الله و قد أمرت به معروفاً ثم حمد الله قائلاً ( الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني)
و همه بعد ذلك أن يلقى حسابه عند الناس و هو وشيك أن يلقى حسابه عند الله.
فأمر ابن عباس أن يخرج إلى المهاجرين و الأنصار يسألهم: أعن ملأ منكم و مشورة كان هذا الذي أصابني ؟ فصاحوا معلنين ( لا والله و لو وددنا أن الله زاد في عمره من أعمارنا)
و توفي رضي الله عنه بعد أن وصي أن يُدفن بجوار صاحبيه رسول الله عليه الصلاة والسلام و أبو بكر الصديق.
و قال شهود دفنه ( فلما حمل فكأن المسلمين لم تصبهم مصيبة إلا يومئذ).
أعماله
لم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات.
جاوزت مؤلفات العقاد الإسلامية أربعين كتابًا، شملت جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية،
فتناول أعلام الإسلام في كتب ذائعة، عرف كثير منها باسم العبقريات، استهلها بـ عبقرية محمد، ثم توالت باقي السلسلة التي ضمت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية علي، وعبقرية خالد، وداعي السماء بلال، وذو النورين عثمان، والصديقة بنت الصديق، وأبو الشهداء وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وفاطمة الزهراء والفاطميون.
له تراجم عميقة لأعلام من الشرق والغرب، مثل :
“سعد زغلول، وغاندي وبنيامين فرانكلين، ومحمد علي جناح، وعبد الرحمن الكواكبي، وابن رشد،والفارابي، ومحمد عبده، وبرنارد شو، والشيخ الرئيس ابن سينا”.
وكتب العقاد عشرات الكتب في موضوعات مختلفة، فكتب في الأدب والتاريخ والاجتماع مثل:
مطالعات في الكتب والحياة، ومراجعات في الأدب والفنون، وأشتات مجتمعة في اللغة والأدب، وساعات بين الكتب، وعقائد المفكرين في القرن العشرين، وجحا الضاحك المضحك، وبين الكتب والناس، والفصول، واليد القوية في مصر.
ووضع في الدراسات النقدية واللغوية مؤلفات كثيرة:
أشهرها كتاب “الديوان في النقد والأدب” بالاشتراك مع المازني، وأصبح اسم الكتاب عنوانًا على مدرسة شعرية عُرفت بمدرسة الديوان، وكتاب “ابن الرومي حياته من شعره”، وشعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي، ورجعة أبي العلاء، وأبو نواس الحسن بن هانئ، واللغة الشاعرية، والتعريف بشكسبير.
وله في السياسة عدة كتب يأتي في مقدمتها:
“الحكم المطلق في القرن العشرين”، و”هتلر في الميزان”، وأفيون الشعوب”، و”فلاسفة الحكم في العصر الحديث”، و”الشيوعية والإسلام”، و”النازية والأديان”، و”لا شيوعية ولا استعمار”.
له عشرة دواوين، هي:
يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وديوان من دواوين، وهذه الدواوين العشرة هي ثمرة ما يزيد على خمسين عامًا من التجربة الشعرية.
وفاته
ظل العقاد عظيم الإنتاج، لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب،
حتى تجاوزت كتُبُه مائةَ كتاب، بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في بطون الصحف والدوريات،
ووقف حياته كلها على خدمة الفكر الأدبي حتى لقي الله في (26 من شوال 1383هـ- 12 مارس 1964م).
عن الكاتب وعباس العقاد
ولد عباس محمود العقاد عام 1889م , في مدينة أسوان فى جنوب مصر, وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903.
أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري “مدرسة الديوان”،
وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.
عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط،
وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافراً, حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط. لكنه في الوقت نفسه كان مولعاً بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب,
التحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها,
فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور،
وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه.
وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه, مما اضطره إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه.
كتب اخرى للمؤلف
كتب فى نفس التصنيف