ملخص كتاب عبقرية الإمام علي
المصدر : ملخصات كتب
الملخص
لأنه الشهيد أبو الشهداء يجري تاريخه وتاريخ أبنائه في سلسلة طويلة من مصارع الجهاد و الهزيمة.
و في سيرته ملتقى بالخيال حيث تحلق الشاعرية الإنسانية في الأجواء،
أو تغوص في الأغوار فهو الشجاع الذي نزعت به الشاعرية الإنسانية منزع الحقيقة و منزع التخيل،
و اشترك في تعظيمه شهود العيان وعشاق الأعاجيب.
و تلتقي سيرته بالفكر كم تلتقي بالخيال و العاطفة ، لأنه صاحب آراء في التصوف و الشريعة و الأخلاق سبقت جميع الآراء في الثقافة الإسلامية،
و لأنه أوتي من الذكاء ما هو أشبه بذكاء الباحثين المنقبين منه بذكاء الساسة المتغلبين.
و للذوق الأدبي أو الذوق الفني ملتقى بسيرته كملتقى الفكر و الخيال و العاطفة
لأنه كان أديباً بليغاً له نهج من الأدب و البلاغة يقتدي به المقتدون.
بهذه الكلمات وصف العقاد باختصار الإمام علي في مقدمة الكتاب الذي تناول شخصيته بالتفصيل من جميع نواحيها الإنسانية و أهم ما جاء من أفكار في هذا القصد:
صفاته
هو ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
كان أول هاشمي من أبوين هاشميين ، فاجتمعت له خلاصة الصفات التي اشتهرت بها هذه الأسرة الكريمة
و من أهم صفاتها النبل و الأيد و الشجاعة و المروءة و الذكاء.
نشأ رضي الله عنه رجلا مكين البنيان في الشباب و الكهولة حافظاً لتكوينه المكين حتى ناهز الستين.
قال واصفوه و هو في تمام الرجولة إنه كان ربعة أميل إلى القصر، أسمر أصلع مبيض الرأس و اللحية، عريض المنكبين حسن الوجه، واضح البشاشة.
و أكثر ما تميز به الإمام علي الزهد فلم يعرف أحد من الخلفاء أزهد منه في لذة الدنيا و كان و هو أمير للمؤمنين يأكل الشعير و تطحنه امرأته بيديها.
قال سفيان: (إن علياً لم يبن آجرة على آجرة و لا لبنة على لبنة و لا قصبة على قصبة )
إسلامه
ولد علي في داخل الكعبة و كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها فتح عينيه على الإسلام و لم يعرف قط عبادة الأصنام.
فهو تربى في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية،
و عرف العبادة من صلاة النبي و زوجه الطاهرة قبل أن يعرفها من صلاة أبيه و أمه.
و جمعت بينه و بين صاحب الدعوة قرابة مضاعفة ومحبة أوثق من محبة القرابة ،
فكان ابن عم محمد عليه الصلاة و السلام و ربيبه الذي نشأ في بيته و نعم بعطفه و بره.
كان المسلم حق المسلم في عبادته ، و في علمه ، و عمله ، و في قلبه ، و عقله ،
حتى ليصح أن يقال إنه طبع على الإسلام فلم تزده المعرفة إلا ما يزيده التعليم على الطباع.
سياسته
تسري في صفحات التاريخ أحكام مرتجلة يتلقفها فم من فم و يتوارثها جيل عن جيل ، و يتخذها السامعون قضية مسلمة مفروغا من بحثها و الاستدلال عليها.
من تلك الأحكام المرتجلة قولهم أن علي بن أبي طالب رجل شجاع ،
و لكن لا علم له بخدع الحرب و السياسة ،
و قد شاع هذا الرأي في عصر علي بين أصحابه كما شاع بين أعدائه.
و عزز القول به أنه خالف الدهاة من العرب فيما أشاروا به عليه و أنه لم ينجح بعد هذه المخالفة في معظم مساعيه،
فكان من الطبيعي أن يقال أنه مني بالفشل لأنه عمل بغير ما أشار به أصحاب الدهاة.
و هناك عدة أسباب لاجتنباه سياسة المشورة.
إلا أنه بالمجمل سياسته لم تورطه في غلطات كان يسهل عليه اجتنابها بإتباع سياسة أخرى.
و لم تبلغه مآرب مستعصية كان يعز عليه بلوغها في موضعه الذي وضع فيه ، فلم تكن علة فشل منتزع و لا علة نجاح منتزع.
كانت سياسته تحمل فهما و علما و لكنها لا تحمل الحيلة العملية التي هي إلى الغريزة أقرب منها إلى الذكاء.
النبي و الإمام و الصحابة
لقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يغمر بالحب كل من أحاط به الغرباء و الأقربين ،
فأي عجب أن يخص بالحب من بينهم إنسانا كان ابن عمه الذي كفله و حماه و كان ربيبه الذي أوشك أن يتبناه.
و كان زوج ابنته العزيزة عنده و كان بديله في الفراش ليلة الهجرة التي همّ المشركون فيها بقتل من يبيت في فراشه.
و كان نصيره الذي أبلى أحسن البلاء في جميع غزواته، و تلميذه الذي علم من فقه الدين ما لم يعلمه ناشئ في سنه.
عن الصدّيق رضي الله عنه قال:
(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خيم خيمة و هو متكئ على قوس عربية و في الخيمة علي و فاطمة و الحسن والحسين
فقال: معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة حرب لمن حاربهم ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد و لا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة)
إقرأ عبقرية الصديق
أما العلاقة بين عليّ و سائر الصحابة من الخلفاء و غير الخلفاء فهي علاقة الزمالة المرعية و التنافس الذي يثوب إلى الصبر و التجمل و التقية.
و ليس هناك من الأخبار ما يدل على ألفة حميمة بينه و بين أحد الصحابة المشهورين و ليس فيها كذلك ما يدل على عداوة و بغضاء.
في بيته:
عاش مع فاطمة رضي الله عنها لا يقرن بها زوجة أخرى حتى ماتت بعد موت النبي عليه السلام.
كما جاء في الأثر يغار لبناته غيرة شديدة، وروى عنه أنه قال و هو على المنبر مرة:
( إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم على بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي و ينكح ابنتهم .. فإنها بضعة مني يريبني ما رابها و يؤذيني ما آذاها)
و ربما كان من وفائه لها غضبه لغضبها، فأحجم عن مبايعة أبي بكر إلى ما بعد وفاتها على بعض الروايات، و هجره كما هجرته مدة حياتها، و قد ولدت له أشهر بنيه و بناته:
الحسن و الحسين و محسن و أم كلثوم و زينب و ماتت ولم تبلغ الثلاثين.
و تزوج بعدها تسع نساء رزق منهن أبناء و بنات يختلف في عدهم المؤرخون.
و كان على ما يفهم من خلائقه، و من سيرته و أخباره أبا سمحا يستريح الأبناء إلى عطفه و يجترئون على مساجلته الرأي في أخطر ما ينوبه من الأحداث الجسام.
كان يقول: ( إن للوالد على الولد حقا، وإن للولد على الوالد حقا فحق الوالد على الولد أن يطيعه في كل شيء إلا في معصية الله سبحانه و حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه و يحسن أدبه و يعلمه القرآن)
أما معيشته في بيته بين زوجاته و أبنائه ؛ فمعيشة الزهد و الكفاف، و أوجز ما يقال فيها ، إنه كان يتفق له أن يطحن لنفسه ، و أن يأكل الخبز اليابس الذي يكسره على ركبته ، و أن يلبس الرداء الذي يرعد فيه.
و كان الخليفة يوم كانت الخلافة تناقض ملك الدنيا ، فكان بيته نقيض القصر الذي تعرض الدنيا المملوكة بين أركانه و زواياه.
من كلمات الإمام التي لم يقلها أحد غيره و التي تلخص سيرته كلمته في خطاب الدنيا حيث يقول : (يا دنيا غرّي غيري … غرّي غيري)
و إنها لأكثر من كلمة و أكثر من دعاء إنها لسان قدر و عنوان حياة.
وفاته
ظل العقاد عظيم الإنتاج، لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب،
حتى تجاوزت كتُبُه مائةَ كتاب، بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في بطون الصحف والدوريات،
ووقف حياته كلها على خدمة الفكر الأدبي حتى لقي الله في (26 من شوال 1383هـ- 12 مارس 1964م).
عن المؤلف عباس العقاد
ولد عباس محمود العقاد عام 1889م , في مدينة أسوان فى جنوب مصر, وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903.
أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري “مدرسة الديوان”،
وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.
عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط،
وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافراً, حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط. لكنه في الوقت نفسه كان مولعاً بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب,
التحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها,
فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور،
وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه.
وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه, مما اضطره إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه.
كتب اخرى للمؤلف
كتب فى نفس التصنيف